= يكون ذلك المريض المقر موروثًا بولد سواء كان ذكرًا أو أنثى، أو بولد ولد، سواء كان الوارث يستحق بميراثه جميع المال كابن مثلًا، أو كان يستحق بعضه كابنة؛ ومفهوم المخالفة في قوله: لأبعد أو لملاطف، هو أنه إن أقر لأجنبي غير ملاطف، جاز الإقرار ولر لم يرثه ولد، لعدم اتهامه فيه.
ونقل المواق هنا عن ابن رشد: إن أقر المريض لوارث أبعد، ممن لم يقر له من الورثة، مثل أن يقر بعصبة وله أب، أو لأخ لأم وله أخ شقيق، أو لأب وله أم، جاز إقراره اتفاقًا، دهان أقر لصديق ملاطف أو لقريب غير وارث، فقيل: يجوز مطلقًا، وقيل لا يجوز إقراره إلَّا إن ورثه ولد، والقولان قائمان من المدونة. ا. هـ. منه.
قلت: أخرج البيهقي بسنده عن ليث عن طاوس قال: إن أقر المريض لوارث أو لغير وارث جاز، قال: وبلغني عن أبي يحيى الساجي أنه قال: روي عن الحسن، وعطاء، وعمر بن عبد العزيز أن إقراره جائز، وقال: قال البخاري: وقال الحسن: أحق ما يصدق به الرجل آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة، وقال البخاري: أوصى رافع بن خديج أن لا تكشف امرأته الفزارية عما أغلق عليه بابها. قال: وقال بعض الناس: لا يجوز إقراره لسوء الظن بالورثة، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِيَّاكُمْ وَالظّنَّ فإنّ الظَّنَّ أَكَذبُ الْحَدِيثِ" ولا يحل مال المسلمين. والله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا (١)} فلم يخص وارثًا ولا غيره. اهـ. منه بتصرف قليل.
وهذا مذهب عطاء، والحسن، وإسحاق، وأبي ثور قالوا: يقبل إقراره لأن من صحَّ إقراره في الصحة صح في المرض، وهو احدى الروايتين عن الشافعي. وقال مالك: يصح إذا لم يتهم ويبطل إذا اتهم، وهو قول لا يمكن اعتباره لأن التهمة لا يمكن اعتبارها بنفسها لأنها ظن، وقد ثبت عن رسول اللُه -صلى الله عليه وسلم-: "إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإنَّ الظَّنَّ اَكْذَبُ الْحَدِيثِ". وتد تقدم لك ما حكاه البخاري عن الحسن؛ أن أحق ما يصدق به الرجل آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة.
هذا، وبناء على ما أخرجه البخاري عن رافع بن خديج، وقد تقدم آنفًا، وأن الظن بعضه إثم، وأَنه أكذب الحديث، ولا يحل به مال المسلم، فقد ترجح عندي أن المريض يقبل إقراره في مرضه بملك سبق أن ملكه لولده الصغير مثلًا وأنه حازه له، أو بدين لأحد ورثته ونحو ذلك. والله تعالى أعلم. وهو الموفق.