للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخُطْبَهِ (١) جُمعَةٍ، وَكُرهَ بَعْدَ فَجْرٍ وَفَرْصِ عَصْرٍ إِلَى أَنْ تَرْتَفِعَ قيدَ رُمْحٍ وَتُصَلّى

= هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إِذَا بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخَّرَّوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَبْرُزَ وَإِذِا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخَّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَغِيبَ". ا. هـ.

(١) وقوله: وخطبة جمعة؛ يقفو به مذهب المدونة، ونصها: ومن دخل بعد ما خرج الإِمام فليجلس ولا يركع، وإن دخل فخرج الإمام قبل أن يفتتح هو الصلاة فليقعد ولا يصلي. ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: أخبرني ثعلبة بن أبي مالك القرظي أن جلوس الإمام على المنبر يقطع الصلاة، وأن كلامه يقطع الكلام. ا. هـ. منه.

قال الشوكاني: قال الحافظ -يعني ابن حجر- والحامل للمانعين على التأويل المذكور أنهم زعموا أن ظاهره معارض لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (١) الآية. واستدل أيضًا بحديث أبي هريرة المتفق عليه: "إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ والإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ" قالوا: فإذا امتنع الأمر بالمعروف -وهو الأمر اللاغي بالانصات- فمنع التشاغل بتحية المسجد مع طول زمانها أولى. إلى غير ذلك من أدلتهم ا. هـ. منه بتصرف.

قلت: لا يخفى على من له أدنى مسكة من علم أن الفتوى بمنع تحية المسجد والإِمام يخطب دليلها الاجتهاد كما عرفت، ولقد تقرر في علم الأصول في القوادح في الدليل أن من القوادح ما يسمى فساد الاعتبار؛ وهو أن يجتهد المجتهد في محل يوجد فيه النص، وقد عقد ذلك شيخ مشائخنا في مراقي السعود بقوله:

والخلف للنص أو اجماع دعا … فساد الاعتبار كل من وعى

فإذا علمت ذلك فاعلم أنه ورد النص الصريح من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصلاة تحية المسجد لمن جاء والإِمام يخطب؛ فقد أخرج البخاري ومسلم قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَدْ خَرَجَ الإِمَامُ فَلْيُصَلَّ رَكْعَتَيْنِ". وفي رواية: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُم يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُب فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا". رواه أحمد ومسلم وأبو داود. وروى أبو قتادة وأخرجه الأئمة الستة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُم الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ". فهذه نصوص صحيحة صريحة عن رسول=


(١) سورة الأعراف: ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>