للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُطَمَّسُ قَبْرُهُ، لا فائِتَةٍ على الأصحَّ، والجَاحِدُ كَافِرٌ (١).

= وروى أبو هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لِكُلِّ نَبِيٍ دَعْوةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيَّ دَعْوَتَهُ وإِنَّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتي شَفاعَةً لأمَّتِي يَوْمَ الْقِيامَةِ فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَمَّتِى لَا يُشْرِكُ بَالَلَّه شَيْئًا" رواه مسلم.

وعن أبي هريرة أيضًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتِي مَنْ قَالَ لَا إِلهَ إلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ" رواه البخارى.

فإذا وقفت على هذه الأحاديث الصحيحة المؤيدة لعموم قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (١) تبين لك - إن كنت منصفًا سالمًا من التعصب المذهبي - أن تارك الصلاة، تكاسلًا وتهاونًا لا جحودًا بها، موحد يرتجى له ما يرتجى للموحدين، وتعين عليك حمل ما ورد مما يوهم تكفيره كحديث جابر الصحيح: "بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ". يَرْفَعُهُ. رواه مسلم، تعين حمله على كفر دون كفر، كما ورد من ذلك أحاديث كثيرة، منها: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ثِنْتَانِ بِالنَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ الطُعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنّيَاحَةُ عَلى الْمَيَّتِ". رواه مسلم من حديث أبي هريرة. وحديث ابن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ". متفق عليه. وحديث أبي ذر؛ أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إلَّا كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". متفق عليه. فالذي هو أنسب بالصناعة الفقهية، التي توجب الذهاب إلى الجمع بين الأدلة، إن أمكن الجمع بينها، والذي هو أليق بسعة رحمة الله، أن يحمل حديث جابر: "بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ" وحديث ابن مسعود: "سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ" وحديث أبي هريرة: "ثِنْتَانِ بِالنَّاسِ هُمَا بِهمْ كُفْرٌ". وأمثالها؛ على كفر دون كفر، وأن تترك الآية: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} هي والأحاديث الصحيحة التي وردت عموماتها تؤيد منطوقها، أن تترك هذه الآية وهذه الأحاديث على ما أفادت من العموم. والله الموفق.

(١) وقول المصنف: والجاحد كافر؛ أي كل من جحد ما علم من الدين بالضرورة فهو كافر، والصلاة مما علم من الدين بالضرورة، فمن تركها منكرًا لوجويها لا خلاف بين المسلمين في كفره، إلا أن يكون قريب عهد بكفر، ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة. والله تعالى الموفق.=


(١) سورة النساء: ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>