= ضرر معه عليها؛ وهو مقدار ما لا يضر بمائها، ولا يضيق مناخ إبلها، ولا مرابض مواشيها عند الورود. ولأهل البئر منع من أراد أن يحفر أو يبنى بئرًا في ذلك الحريم. قال: وسأل ابن غانم مالكًا عن حريم النخلة فقال: قدر ما يرى أن فيه مصلحتها، ويترك ما أضر بها، ويسأل عن ذلك أهل العلم به، وقد قالوا: من اثني عشر ذراعًا من نواحيها كلها إلى عشرة أذرع، وذلك حسن. قال: وحريم الدار المحفوفة بالموات ما يرتفق به من مطّرح تراب أو مصب ميزاب، قال ابن عرفة: مسائل المذهب تدل على صحة ما قاله ابن شاس. ا. هـ. المواق.
وقال ابن قدامة في المغني: وما قرب من العامر وتعلق بمصالحه من طرقه، ومسيل مائه، ومطرح قمامته، وملقى ترابه وآلاته، فلا يجوز إحياؤه بغير خلاف، وكذلك ما تعلق بمصالح القرية كفنائها، ومرعى ماشيتها، ومحتطبها، وطرقها، ومسيل مائها، لا يملك بالإحياء ولا نعلم فيه أيضًا خلافًا بين أهل العلم. وكذلك حريم البئر والنهر، والعين، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً في غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ فَهِيَ لَهُ".
مفهومه أن ما تعلق به حق مسلم لا يملك بالإِحياء. ا. هـ. منه.
(٤) وقوله: ولا تختصُّ محفوفة بأملاك، مراده به، والله أعلم، أن الدار التي تحوطها أملاك، - دور أو غيرها - لا تختص بحريم دون جيرانها، وأن لكل من أصحاب هذه الأملاك الانتفاع بالساحة التي بينها؛ بوضع تراب أو ربط دابة ونحو ذلك، ما لم يضر بالآخر من أصحاب الأملاك الذين لهم حق فيها.
(٥) وقوله: وبإقطاع الإِمام، هو بيان للنوع الثاني من أنواع الإِختصاص: إذا أقطع الإِمام رجلًا أرضًا كانت ملكًا له، وإن لم يعمرها، ولا عمل فيها شيئًا، فله أن يبيعها، وأن يهبها، وأن يتصرف أي نوع من أنواع التصرف، وتورث عنه، وليس هو من الإِحياء بسبيل، وإنما هو تمليك مجرد، قال ابن القاسم: وسواء كانت في المهامه أو الفيافي، أو قريبة من العمران. ا. هـ. المواق.
والدليل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقطع بعض أصحابه دورًا بالمدينة وبلادًا بغيرها؛ فقد أقطع لعبد الله بن مسعود دارًا بالمدينة، وكانت ظهراني عمارة الأنصار من المنازل والنخيل، فقال بنو عبد بن زهرة: نَكِّبْ عَنَّا ابْنَ أمِّ عَبْدٍ، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فلِمَ ابْتَعَثَنِي اللهُ إِذًا؟ إنَّ اللهَ لا يُقَدِّسُ أُمَّةً لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفٍ =