= فِيهِمْ حَقُّهُ". كذا في البغوي وقال شعيب: أخرجه الشافعي عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة وهو مرسل، قال في تلخيص الحبير. وقد وصله في الكبير من طريق عبد الرحمن بن سلام عن سفيان، فقال يحيى بن جعدة، عن هبيرة بن مريم، عن ابن مسعود، وإسناده قوي، وله شاهد من حديث أبي سفيان بن الحارث عند البيهقي والخطيب: "إِنَّ اللهَ لَا يُقَدِّسُ أمَّةً لَا يأْخُذُ الضعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ مِنَ الْقَوِيِّ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعْتَعٍ". وفي سنده رجل لم يسم الراوي عن أبي سفيان وباقي رجاله ثقات، فهو حسن لغيره. ا. هـ.
قلت: غير أن جعل أصحابنا الإقطاع تمليكًا مطلقًا يستطيع بسببه كل أنواع التصرف، تأباه الأدلة، والذي يقتضيه النظر في الأدلة هو ما ذهب إليه الحنابلة، قال ابن قدامة: وللإِمام إقطاع الموات لمن يحييه، فيكون بمنزلة المتحجر الشارع في الإِحياء، لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع بلال بن الحارث العقيق أجمع، فلما كان عمر قال لبلال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقطعك لتُحِيزَهُ عن الناس، إنما أقطعك لتُعَمِّرَ، فخذ منها ما قدرت على عمارته ورُدَّ البَاقي. فإذا ثبت هذا، فإنَّ من أقطعه الإِمام شيئًا من الموات لم يملكه بذلك، لكنه يصير أحَقَّ به من غيره، فيعد بمثابة الشارع في التعمير والإِحياء، فما أحيا منه ملكه وما عجز عن إحيائه رُدَّ منه، بدليل ما ذكرنا من حديث بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه حيث استرجع منه عمر رضي الله عنه ما عجز عن إحيائه من العقيق الذي أقطعه إياه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلو كان بلال بن الحارث رضي الله عنه ملك سائر العقيق بموجب ذلك الإِقطاع لما أقدم أمير المؤمنين العدل عمر بن الخطاب على انتزاع ما لم يستطع إحياءه منه.
وأيضًا فقد رد عمر بن الخطاب ما أقطعه أبو بكر لعيينة بن حصن الفزاري، فسأل عيينة أبا بكر أن يجدد له كتابًا بالإقطاع، فقال أبو بكر رضي الله عنه: والله لا أجدد شيئًا رده عمر. رواه أبو عبيد، نقله عنه ابن قدامة.
لذلك، فإن المقطع له يصير أحق بالمقطوع من سائر الناس، وأولى بإحيائه من جميع الناس، فإن أحياه، وإلا قال له السلطان: إن أحييته، وإلا فارفع يدك عنه. كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لبلال بن الحارث المزني رضي الله عنه: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعطك لتحجبه دون الناس، وإنما أقطعك لتعمر، فخذ منها ما قدرت على عمارته، ورُدَّ الباقي. =