= هذا، وليس للإمام إقطاع ما لا يجوز إحياؤه من المعادن الظاهرة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما استقطعه أبيض ابن حمَّال الملح الذي بمأرب، فقيل: يا رسول الله، إنما أقطعنه الماء العِدَّ، فأرجعه منه؛ لأن في ذلك تضييقًا على المسلمين.
فأما إن كان المعدن باطنًا لا ينتفع به إلا بعمل، فإن الدليل إلى جانب من يقول بجواز إقطاعها؛ لما روى أبو داود وغيره، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع لبلال بن الحارث رضي الله عنه معادن القبلية، جَلْسِيِّهَا وغَوْريِّها.
قال ابن قدامة: ومن سبق في الموات إلى معدن ظاهر أو باطن فهو أحق بما ينال منه، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَبَقَ إلى مَا لَمْ يَسْبِقْ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ". قال: فإن أخذ قدر حاجته، وأراد الإِقامة فيه بحيث يمنع غيره، منع منه، لأنه يضيق على الناس ا. هـ. منه.
(٦) وقوله: وبحمى إمام محتاجًا إليه قلّ من بلد عفا لكغزو، قال الحطاب: يعني أن الوجه الرابع من أوجه الاختصاص التي تمنع إحياء الموات هو الحِمَى؛ يحمى للضعفاء من المسلمين لترعاه مواشيهم، ويمنع منه الأغنياء، وكذلك يجوز للإِمام أن يحمي.
والحمى - بكسر الحاء المهملة وفح الميم وبالقصر - هو المكان الذي يمنع رعيه ليتوفر فيه الكلأ، فترعاه مواشي مخصوصة ويمنع غيرها من رعيه، والكلأ - بالهمزة من غير مدٍّ - هو المرعى رطبًا كان أو يابسًا. الخَلَا - بالقصر من غير همز - النبات الرطب، قال في المشارق: وضبطه السمرقندي العذرى بالمد، وهو خطأ.
والحمى بمعنى المحمي، هو مصدر بمعنى المفعول، وهو خلاف المباح، وتثنيته حميان. وحكى الكسائي أنه سمع في تثنيته حموان بالواو، والصواب الأول لأنه يائي. وأصل الحمى عند العرب أن الرئيس منهم كان إذا نزل منزلًا مخصبًا استعوى كلبًا على مكان عال، وحيث بلغ صوته حماه من كل جانب، فلا يرعى فيه غيره، لكنه هو يرعى مع غيره فيما سواه. هذا هو أصل معنى الحمى لغة.
وأما الحمى الشرعي، فهو أن يحمي الإِمام موضعًا، لا يقع به التضييق علي الناس، للحاجة العامة إلى ذلك؛ إما للخيل التي يحمل عليها الناس للغزو، وإما لماشية الصدقة. انظر الحطاب.
روى الصَّعْبُ بن جثَّامة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"لَا حِمَى إلَّا لله ولِرَسُوله". رواه أبو داود، وهو في البخاري من طريق يونس عن الزهري، وفي آخره عنده: وقال: بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - =