= حمى النقيع. قال شعيب: وقد وصله أبو داود من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله، عن عبد الله ابن عباس، عن الصعب بن جثَّامة. قال: وإسناده لا بأس به.
قال البغوي: وكان الحمى جائزًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخاصَّة نفسه، لكنه لم يفعل، وإنما حمى النقيع لمصالح المسلمين؛ للخيل المعدة في سبيل الله، ولما فضل من سهمان أهل الصدقة، ولما فضل من نعم الجزية. قال: والنقيع موضع معروف بالمدينة مستنقع للماء ينبت فيه الكلأ عند نضوب الماء عنه. قال: وليس بالواسع الذي إذا حمي ضاقت البلاد على أهل المواشي حوله. قال: وليس لأحد من أئمة المسلمين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحمي لنفسه. ا. هـ. منه.
قال ابن قدامة: ولكن لهم أن يحموا مواضع لترعى فيها خيل المجاهدين، ونعم الجزية، وإبل الصدقة، وضوالُّ الناس التي يقوم الإمام بحفظها، وماشية الضعيف من الناس، على وجه يتضرر به من سواه من الناس، قال: وبهذا قال أبو حنيفة ومالك والشافعي - في صحيح قوليه - وأما قوله الثاني: ليس لغير النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحمي لقوله:"لَا حِمَى إِلَّا للهَ ولِرَسُولهِ".
قال ابن قدامة: ولنا أن عمر، وعثمان حميا، واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر عليهما، فكان إجماعًا.
وروى أبو عبيد بإسناده عن عامر بن عبد الله بن الزبير، أحسبه عن أبيه قال: أتى أعرابي عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين، بلادنا قاتلنا عليها في الجاهلية وأسلمنا عليها في الإِسلام، علام تحميها؟. فأطرق عمر وجعل ينفخ ويفتل شاربه - وكان إذا كربه أمر فتل شاربه ونفخ - فلما رأى الأعرابي ما به، جعل يردد ذلك، فقال عمر: المال مال الله، والعباد عباد الله، والله لولا ما أحمل عليه في سبيل الله ما حميت شبرًا من الأرض في شبر. ا. هـ. منه.
وأخرج الموطأ، وأبو عبيد في الأموال، والبخاري في الجهاد: باب إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهي لهم. وأخرج البغوي، واللفظ له: أن عمر بن الخطاب استعمل مولى له يقال له هُنَيُّ، على الحمى، فقال له: يا هُنَيُّ، اضمم جناحك عن المسلمين، واتَّق دعوة المظلوم، فإن دعوة المظلوم مجابةٌ، وأدْخل ربَّ الصُّريْمَةِ وربَّ الغُنَيْمَةِ، وإيَّايَ ونَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ وابْنِ عَفَّانَ، فإنهما إن تَهْلِك ماشيتُهما يَرْجِعَا إلى زرعٍ ونَخْلٍ، وإنَّ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ والغُنَيْمَةِ إنْ تَهْلِك ماشيتُه يأتي فيقولُ: يا أمير =