= المؤمنين … أفَتَاركهُمْ أنَا؟. لا أبا لك، فالماءُ والكلأ أيسر عليَّ من الذَّهَبِ والْوَرِقِ، وأيْمُ اللهِ إنَّهُم لَيَرَوْنَ أنْ قَدَ ظَلَمْتُهُمْ، إنَّها لَبِلَادُهُم، قَاتلوا عليها في الجاهليَّة، وأسلموا عليها في الإسلام، وأيْمُ الله لولا المالُ الذي أحْمِلُ عليه في سبيل الله، ما حميت على المسلمين من بلادهم شبرًا. ا. هـ.
قال البيهقي: وأثر إبل ابن عمر يدل على أن غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس له أن يحمي لنفسه. وفيه أيضًا دلالة على أن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا حِمَى إلَّا للهِ وَلِرَسُولهِ". أراد به أن لا حمى إلا على مثل ما حمى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاح المسلمين.
قلت: وأثر إبل ابن عمر ساقه قبل كلامه هذا، بسنده عن يونس بن أبي يعقوب، عن أبيه قال: قال ابن عمر: اشتريت إبلًا وأنجعتها إلى الحمى، فلما سمنت قدمت بها. قال: فدخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه السوق فرأى إبلًا سمانًا فقال: لمن هذه الإِبل؟ قيل: لعبد الله بن عمر، فجعل يقول: يا عبد الله بن عمر، بخ بخ ابن أمير المؤمنين، قال: فجئته أسعى فقلت: ما لك يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت: إبل أنضاء اشتريتها وبعثت بها إلى الحمى أبتغي ما يبتغي المسلمون، قال: فقال: ارعُوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقُوا إبل ابن أمير المؤمنين، يا عبد الله، اغد على رأس مالك، واجعل باقيه في بيت مال المسلمين. ا. هـ.
والحاصل أن الدليل إلى جانب من يجعل للإِمام أن يحمي حمى لمصلحة المسلمين العامة لا لمصلحة نفسه، وأن هذا لا ينبغي أن ترد عنه ماشية الضعيف، والله أعلم.
(٧) وقوله: وافتقر لإِذن، أي وافتقر إحياء الموات لإذن الإِمام، وقال ابن رشد، فيما عزاه له المواق: المشهور في القريب الذي لا ضرر في إحيائه على أحد، لا يجوز إحياؤه إلا بإذن الإِمام. ا. هـ.
(٨) وقوله: وإلا فللإمام إمضاؤه أو جعله متعديًا، قال ابن عبد السلام: فإذا فرعنا على أن القريب الذي لا ضرر فيه يفتقر إلى إذن الإِمام، كان الأمر أنه أحياه أحد من غير إذن منه، تعقب الإِمام ما فعله هذا؛ فإن رأى إمضاءه أمضاه، وإن لم ير ذلك أخذه منه وأعطاه قيمة صنعه منقوضًا إن رده لبيت المال، وإن شاء كلفه بهدمه، وإن شاء أقطعه لغيره، فيكون لذلك الذي أقطعه الإِمام إياه أن يكلفه بما كان الإِمام يأمره به. ا. هـ. من الحطاب بتصرف.
(٩) وقوله: ولو ذميًا بغير جزيرة العرب، قال ابن قدامة: لا فرق بين المسلم والذمي في الإِحياءِ، =