= أربابها، ومنافعها لمن جعلت له، ولأن التمليك لا يتأقت، كما لو باعه إلى مدة، فإذا كان لا يتأقت حمل قوله على تمليك المنافع، لأنه يصح تمليكه.
وذهب قوم إلى أن العمرى تنقل الملك إلى المعمر، منهم جابر بن عبد الله، وابن عمر، وابن عباس، وشريح، ومجاهد، وطاوس، والثوري، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي، واحتجوا بِما روى جابر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ لَا تُفْسِدُوهَا، فَإِنَّهُ مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لِلَّذِي أُعْمِرَهَا حَيًّا وَمَيِّتًا وَلِعَقِبِهِ". رواه مسلم، وفي لفظ: قَضى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعُمْرَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ. متفق عليه. وروى ابن ماجة عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا رُقْبى، فَمَنْ أُرْقِبَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ". وعن زيد بن ثابت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل العمرى للوارث. واحتجوا أيضًا بما رواه مالك في الموطإ؛ يعني حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَإنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا، لَا تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا، لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ".
قال ابن قدامة: هو حديث صحيح رواه جابر، وابن عمر، وابن عباس، ومعاوية، وزيد بن ثابت، وأبو هريرة، قال: وقول القاسم لا يقبل في مخالفة من سمينا من الصحابة والتابعين، فكيف يقبل في مخالفة قول سيد المرسلين؟. قال: ولا يصح أن يدعى إجماع أهل المدينة لكثرة من قال بها منهم. ا. هـ. منه.
(٣) وقول المُصَنِّف رحمة الله عليه: إن لم تفت لا بحوالة سوق بل يزيد أو نقص الخ. يريد به، والله أعلم أن للرجوع في هبة الولد شروطًا:
منها: أن تكون الهبة باقية في ملك الولد، فإن خرجت عن ملكه ببيع، أو هبة، أو أي تصرف يخرجها عن ملكه، لم يكن للوالد الرجوع فيها، ولو عادت إلى الولد بسبب جديد من بيع أو وصية أو هبة أو إرث ونحو ذلك لم يك للوالد الرجوع فيها.
ومنها: أن لا يتصرف الولد فيها تصرفًا يفوتها؛ كأن يستولدها. وإن رهن العين الموهوبة، أو أفلس وحجر عليه، لم يملك الأب الرجوع فيها، لأن في ذلك إبطالًا لحق غير ولده.
ومنها: أن لا يتعلق بالهبة رغبة لغير ولده، فإن تعلقت رغبة غير الولد بالهبة فليس للوالد ردها، كأن يهب لولده هبة فيرغب الناس فيه من أجلها، فزوجوه أو حملوه دينًا، فإنه إن رجع في الهبة كان كمن غرَّ =