= هؤلاء، وليس له الرجوع حينئذ في هبته لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ". وفي الرجوع ضرر.
وأما تغير الهبة بحوالة سوق، فقد نقل المواق عن الباجي قوله: لم يمنع ذلك الاعتصار. قاله مطرف، وابن الماجشون، وأصبغ، لأن الهبة على حالها، وزيادة القيمة ونقصها لا تعلق له بها ولا تأثير له في صفتها، فلم يمنع الاعتصار كنقلها من موضع لآخر، وأما إن تغيرت الهبة في عينها، فقد قال مطرف وابن الماجشون: زيادتها في عينها ونقصها لا يمنع الاعتصار، وقال أصبغ: يمنع ذلك اعتصارها وهو الظاهر من قول مالك وابن القاسم، لأن تغير حالة ذمة المعطي يمنع الاعتصار، فلأن يمنعه تغير الهبة أولى وأحرى. ا. هـ. منه بتصرف قليل.
وقال الحطاب: حكى في معين الحكام قولين في فوات الاعتصار بحوالة السوق، فيحتمل أن يكون المُصَنِّف اعتمد القول بالإِفاتة.
(٤) وقول المصنف: وكره تملك صدقة بغير ميراث، قال مالك لا يشتري الرجل صدقته من المتصدق عليه ولا من غيره، وقال محمد: ولا ترجع إليه باختبار من شراء أو غيره، وإن تداولتها الأملاك. واختلف، هل النهي على الندب أو الوجوب؟ فقال مالك: لا ينبغي أن يشتريها. وقال: يكره، وظاهر الموازية أنه لا يجوز. قال اللخمي: والأول أحسن لأن المثل ضرب لنا بما ليس بحرام. انتهى من المواق، ودليل نهي المتصدق عن تملك ما تصدق به، الحديث المتفق عليه عن عمر بن الخطاب رضي اللهُ عنه، قال: حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن اشتريه، وظننت أنه يبيعه برخص فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:"لَا تَشْتَرِهِ وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ وَإنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْعَائِدِ في قَيْئِهِ".
وأما رجوع الصدقة إلى المتصدق بالإِرث، فهو جائز اتفاقًا، لما أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، أن امرأة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كنت تصدقت على أمي بوليدة، وإنها ماتت وتركت تلك الوليدة؟ قال. "وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَجَعَتْ إِلَيْكِ فِي الْمِيرَاثِ" قال الشوكاني: ويجمع بجواز تملك الشيء المتصدق به بالميراث، لأن ذلك ليس مشبهًا بالرجوع عن الصدقة دون سائر المعاوضات. ا. هـ.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويثيب عليها، رواه أحمد، =