(٢) وقوله: وإن كلبًا وفرسًا وحمارًا، الظاهر أن ضائع الحيوان لا يطلق عليه لقطة في الاصطلاح؛ لأن المتعارف أن ضائع الحيوان يقال له ضالة، جمعها ضَوَالٌّ ويقال لها أيضًا الْهَوَامَى والهَوامِلُ، ألا ترى إلى ألفاظ الحديث كيف سأله أولًا عن لقطة الذهب والورق، ثم لما أجابه عن ذلك سأله عن الضوال. والذي يظهر، والله أعلم، أن ضالة البقر والخيل والحمير، إن تكن بأرض مضيعة أنها تلتقط لحفظها لصاحبها، وإن كانت بأرض أمينة يتوفر بها الماء والمرعى فالأحسن تركها تأكل من ذلك المرعى وتشرب من الماء حتى يجدها ربها.
(٣) وقوله: ورد بمعرفة مشدود فيه وبه، قال في المدونة: من التقط لقطة فأتى رجل فوصف عِفاصها ووكاءها وعدتها لزمه أن يدفعها إليه، ويجبره السلطان على ذلك. قال أبو عمر: أجمعوا على أن العفاص: الخرقة المربوط فيها، وهي لغة ما يسد به فم القارورة، والوكاء: الخيط الذي تربط به. ا. هـ. المواق.
قلت: قوله في المدونة: فوصف عفاصها ووكاءها وعددها، زيادة العدد هنا على ما جاء في حديث زيد بن خالد الجهني، يشهد لها ما جاء في حديث أبيّ بن كعب فإن فيه: فعرفتها حولًا ثم أتيته فقلت: لم أجد من يعرفها. فقال:"احْفظ عَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا وَوِعَاءَهَا، فإنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا". متفق عليه. قال الخطابي في معالم السنن في الكلام على حديث أبيِّ بن كعب: فيه دلالة على أنه إذا وصف اللقطة وعرف عددها دفعت إليه من غير تكليف بينة سواها، وهو مذهب مالك وأحمد، وقال الشافعي: إن وقع في نفسه أنه صادق، وقد عرف العفاص والوكاء والعدد والوزن دفعها إليه إنْ شاء، ولا أجبره على ذلك إلا ببينة، وكذلك قال أصحاب الرأي. قال الخطابي: ظاهر الحديث يوجب دفعها إليه إذا أصاب الصفة، وهو فائدة قوله:"عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا" فإن صحت هذه اللفظة في رواية حماد، وهي قوله:"فَعَرفَ عَدَدَهَا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ". كان ذلك أمرًا لا يجوز خلافه، وان لم يصح فالاحتياط مع =