= ولا ييأس الضعيف من عدله، وأن يكون حليمًا متأنيًا، ذا فطنة وتيقظ، لا يؤتى من غفلة، ولا يخدع لغرة، صحيح السمع والبصر، عالمًا بلغات أهل ولايته، عفيفًا، ورعًا، نَزِهًا، بعيدًا عن الطمع، صدوق اللهجة، ذا رأي ومشورة، لكلامه لين إذا قرب، وهيبة إذا أوعد، ووفاء إذا وعد، ولا يكون جبارًا عسوفًا فيقطع ذا الحجة عن حجته. ا. هـ. منه بتصرف واختصار.
تنبيهٌ: قال الحطاب: بقي على المؤلف شرط آخر وهو أن يكون القاضي واحدًا. قال في المقدمات: وأما الخصال المشترطة في صحة الولاية فهي: أن يكون حرًا، مسلمًا، عاقلًا، بالغًا، ذكرًا، واحدًا، فهذه الست الخصال لا يصلح أن يولى القضاء على مذهبنا إلا من اجتمعت فيه، فإن ولي من لم تجتمع فيه لم تنعقد له الولاية، وإن انخرم منها شيء بعد عقد الولاية سقطت، ثم عد العدالة وقال: إنها من هذا القسم، وإنما أخر ذكر العدالة لأن في عدها شرطًا خلافًا. ا. هـ. منه.
تنبيهٌ: ونسب أيضًا للمقدمات ما نصه: يجب أن لا يولى القضاء من أراده وطلبه، وإن اجتمعت فيه شروط القضاء مخافة أن يوكل إليه فلا يقوم به، وهذا فيمن لم يتعين عليه القضاء فيجب عليه حينئذ أن يسأله.
ويدل لمنع تولية من سأل القضاء قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَسْأَلِ الإمَارَةَ" فهو نهي ظاهره التحريم. قال القرطبي: ويدل على التحريم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّا لَا نُوَلِّي عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ". وفي لفظ:"إِنَّا وَاللَّهِ لَا نُوَلِّي عَلَن هذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سَأَلَهُ، وَلَا أَحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ". وهو حديث متفق على صحته.
قلت: ولست أدري أين موقف أولياء الأمور اليوم من تولية المتكالبين على الخطط الشرعية فيها؟ أين موقف هؤلاء من هذا الحديث الذي هو في قمة الصحيح؟ ولست أدري أيضًا أين موقف أولياء الأمور في بعض الأقطار - التي تزعم أنها على مذهب مالك، من تأليف المحاكم الشرعية من متعددين؟! وهو يشترط في المذهب عندهم أن يكون واحدًا، ولا يجوز تعدده. ا. هـ.
تنبيهٌ: إن الأصل في آداب القضاء كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري؛ لأنه من للمعلوم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتقل إلى الرفيق الأعلى وهو يتولى القضاء بين الناس بنفسه، ولم يتول القضاء أحد مع وجود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما علمت، وكذلك كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه؛ فكان يتولى القضاء بنفسه إلى أن لحق بصاحبه - صلى الله عليه وسلم - فكان أول من اتخذ القضاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، =