للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأما كمال الخلقة، فإنه تعتبر فيه أن يكون متكلمًا، سميعًا، بصيرًا؛ لأن الأخرس لا يمكنه النطق بالحكم، ولا يفهم جميع الناس إشارته، وإن الأصم لا يسمع قول الخصمين، وإن الأعمى لا يعرف المدعي من المدعى عليه، ولا يعرف المقر من المنكر، ولا يعرف الشاهد من المشهود له.

الثاني: العدالة، فلا يجوز تولية فاسق، ولا من فيه نقص يمنع الشهادة. قال: والدليل على منع تولية الفاسق قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (١). ولا يجوز أن يكون الحاكم ممن لا يقبل قوله، ويجب التبين عند حكمه، قال: ولأن الفاسق لا يجوز أن يكون شاهدًا، فلئلا يكون قاضيًا أولى.

الثالث: أن يكون من أهل الاجتهاد، وبهذا، أيضًا قال مالك والشافعي وبعض الحنفية، قال: والدليل قوله تعالى: (٢) {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} وقوله تعالى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} (٣). وقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (٤).

قال: فإذا ثبت هذا، فاعلم أن من شروط الاجتهاد معرفة ستة أشياء هي: الكتاب، والسنة، والإِجماع، والاختلاف، والقياس، ولسان العرب.

فأما الكتاب، فالحاجة إلى معرفة عشرة أشياء منه: العام، والخاص، والمطلق، والمقيد، والمحكم، والمتشابه، والمجمل، والمفسر، والناسخ والمنسوخ في الآيات المتعلقة بالأحكام وذلك نحو خمسمائة. قال: ولا يلزمه معرفة القرآن كله.

وأما السنة فيحتاج إلى معرفة ما يتعلق بالأحكام منها؛ فيحتاج إلى معرفة منها ما يعرف من الكتاب، ويزيد معرفة التواتر، وخبر الواحد، والمرسل، والمتصل، والمسند، والمنقطع، والصحيح، والضعيف.

ويحتاج كذلك إلى معرفة مسائل الإِجماع والمسائل المختلف فيها، والقياس وشروطه وأنواعه، وكيفية استنباط الأحكام.

قال: فينبغي أن يكون القاضي قويًا من غير عنف، ليِّنًا من غير ضعف، لا يطمع القوي في باطلة، =


(١) سورة الحجرات: ٦.
(٢) سورة المائدة: ٤٩.
(٣) سورة النساء: ١٠٥.
(٤) سورة النساء: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>