للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قاضية. وقال أبو حنيفة يجوز أن تكون قاضية في غير الحدود، وذكر الحطاب نحو ذلك عن ابن زرقون، نقل عنه ابن عرفة أنه قال: أظنه فيما تجوز فيه شهادتها، مصوبًا بذلك ما نقله ابن أبي مريم عن ابن القاسم من جواز ولاية المرأة. ا. هـ.

قلت: لعل كل ما نسب إلى هؤلاء الأعلام لم تصح نسبته إليهم لرسوخ أقدام القوم، وأن لهم اليد الطولي في العلم، وإلَّا فكيف يصح أن يقول مثل هؤلاء بجواز تولية المرأة في الإِسلام؟! والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمَرَهُمُ امْرَأَةً". أخرجه البخاري، والترمذي، والنسائي، وأحمد.

وأيضًا فقد ثبت في الحديث المتفق عليه وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمرأة بأنها ناقصة العقل والدين، فكيف يجوز أن يتولى ناقص عقل ودين أمرًا من أمور المسلمين؟ ومعلوم أن مجلس القاضي يحضره محافل الخصوم من الرجال، والمرأة ليست أهلًا لحضور محافل الرجال، ومعلوم كذلك أن الخصوم يأتون بأنواع الحيل والروغان، مما ينبغي له كمال الفطنة وتمام العقل، والمرأة ناقصة ذلك كله، لا تضبط شيئًا، ولذلك لم يجعل الله لها سبيلًا إلى الشهادة إلا بالتعدد، ونبه على سبب ذلك أنه عدم الضبط بقوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}. وأيضًا فقد ذكر الله عنها في محكم تنزيله أنها عاجزة عن المجادلة والإِدلاء بالحجة، قال في سورة الزخرف: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} (١) قال قتادة: ما تكلمت امرأة ولها حجة إلا جعلتها على نفسها. ذكره القرطبي.

لذلك، فإن المرأة لا تصلح للإِمامة ولا لأي تولية كائنة ما تكون إلا في أمر يختص بالنساء، الأمر الذي جعلنا لم يبلغنا قط عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحد من خلفائه، ولا عن تابعيهم بإحسان أنهم ولّوْا امرأة قضاء ولا ولاية بلد، ولو جاز ذلك لم يخل منه جميع الزمان، ولو كان في ذلك خير لسبقونا إليه. ا. هـ.

قال ابن قدامة: وجملة القول أن القاضي يشترط فيه ثلاثة شروط:

أحدها: الكمال، وهو نوعان: كمال الأحكام، وكمال الخلقة. أما كمال الأحكام، فإنه يعتبر في أربعة أشياء: أن يكون بالغًا، حرًا، ذكرًا، عاقلًا. =


(١) سورة الزخرف: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>