= اللخمي: إنما يجوز التحكيم لعدل مجتهد أو عامي يحكم باسترشاد العُلماء، وتحكيم غيرهما خطر.
وقال المازري: وتحكيم الخصمين غيرهما جائز، كما يجوز أن يستفتيا فقيهًا يعملان بفتواه في قضيتهما، قال ابن عرفة: وانظر هل لأحدهما الرجوع عن التحكيم؟ قال مالك: لا رجوع لأحدهما عن ذلك. ا. هـ. منه بتصرف.
(١) وقوله: وخفيف تعزير بمسجد لا حد، قال في المدونة: لا بأس بيسير الأسواط أدبًا في المسجد، وأما الحدود وشبهها فلا. ا. هـ. مواق.
(٢) وقوله: وَجَلَسَ به، قال مالك: القضاء بالمسجد من الحق، وهو من الأمر القديم، لأنه يرضى فيه بالدون من المجلس، وتصل إليه المرأة والضعيف. وروى ابن حبيب: يجلس في رحاب المسجد، وهذا أحسن لقوله - صلى الله عليه وسلم - "جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ رَفع أَصْوَاتِكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ". ا. هـ. مواق.
وقال ابن قدامة: ولا يكره القضاء في المسجد، فعل ذلك شريح، والحسن، والشعبي، ومحارب بن دثار، ويحيى بن يعمر، وابن أبي ليلى، وابن خلدة قاضي عمر بن عبد العزيز وروي عن عمر وعثمان وعلي رضوان الله عنهم، أنهم كانوا يقضون في المسجد.
وقال مالك: القضاء في المسجد من أمر الناس القديم. وبه قال مالك، وإسحاق، وابن المنذر. وقال الشافعي: ذكره ذلك، لما روي أن عمر كتب إلى القاسم بن عبد الرحمن أن لا تقض في المسجد، لأنه تأتيك الحائض والجنب والذمي.
قال: ولنا إجماع الصحابة بما قد رويناه عنهم، ولأن القضاء قربة وطاعة وإنصاف بين الناس، فلم يكره في المسجد، ولا نعلم صحة ما رووه عن عمر، وقد روي عنه خلافه، وأما الحائض إن عرضت لها حاجة إلى القاضي وكلت أو أتته في منزله، والجنب يغتسل ويدخل، والذميُّ يجوز دخوله بإذن مسلم.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجلس في مسجده مع حاجة الناس إليه للحكومة والفتيا وغير ذلك من حوائجهم، وكان أصحابه يطالب بعضهم بعضًا بالحقوق في المسجد، وربما رفعوا أصواتهم، فقد روي عن كعب بن مالك أنه قال: تقاضيت ابن أبي حدرد دينًا في المسجد حتى ارتفعت أصواتنا، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فأشار إليَّ أن ضع من دينك الشطر، فقلت: نعم يا رسول الله، قال:"قَمْ فَاقْضهِ" أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة. =