للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قريب يريد الخاص من الولد والوالد والخالة والعمة وبنت الأخت، قاله ابن فرحون ونحوه في التوضيح.

قلت: كراهة قبوله هدية من أحد، أي لئِلا تكون ذريعة إلى الرشوة لأن الرشوة ملعون صاحبها، ونهى الله عنها في كتابه العزيز، ونهى عنها نبيه في سنته المطهرة؛ أما الكتاب فقد قال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} (١). أي ولا تعطوها إلى الحكام على سبيل الرشوة ليغيروا الحكم لكم. وقال تعالى: {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى} (٢) أي يرتشون في الأحكام. قاله البغوي. وأما السنة فعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الراشِي وَالْمُرْتَشِي" أخرجه البغوي، والإِمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. والرشوة المحرمة إجماعًا، حقيقتها أنها ما يعطى لإبطال حق، أو لإحقاق باطل، أي المال الذي يعطيه الراشي لينال باطلًا، أو ليمنع حقًا يلزمه.

وهي بالنسبة للآخذ، المال الذي يأخذه الآخذه على أداء حق يلزمه، فلا يؤديه إلا برشوة يأخذها، أو المال الذي يأخذه على باطل يجب عليه تركه، ولا يتركه إلا بها.

أما إذا أعطى المعطي شيئًا ليتوصل به إلى حق له، أو ليدفع به عن نفسه ظلمًا، فإن ذلك لا يدخل في الرشوة المحرمة، والدليل ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه أُخِذَ فأعطى دينارين، فخُلِّي سبيله.

وروي عن الحسن، والشعبي، وجابر بن زيد، وعطاء، أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله، إذا خاف الظلم.

قال البغوي: وكذلك الآخذ إذا أخذ ليسعى في إعانة صاحب الحق، فلا بأس. ا. هـ.

(١١) وقوله: ولا يحكم مع ما يدهش عن الفكر، قال ابن عرفة: لا يجلس القاضي للقضاء وهو على صفة يخاف بها أن لا يأتي بالقضية صوابًا، وإن نزل به ذلك في قضائه ترك، كالغضب، والضجر، والهم، والجوع، والعطش، والحقن، قال: وإن أخذ من الطعام فوق ما يكفيه لم يجلس، وأصل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يَحْكمُ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ". قال ابن عرفة: اتفق العلماء على إناطة الحكم بأعم من الغضب؛ وهو الأمر الشاغل، وإلغاء خصوص الغضب، وسموا هذا الإِلغاء والاعتبار بتنقيح =


(١) سورة البقرة: ١٨٨.
(٢) سورة الأعراف: ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>