= أن على القاضي العدل بين الخصمين في كل شيء؛ من المجلس، والخطاب، واللحظ، واللفظ، والدخول عليه، والإِنصات إليهما، والاستماع منهما، قال: وهذا قول شريح، وأبي حنيفة والشافعي، ولا أعلم فيه مخالفًا. وقد روى عمرو بن شبة في كتابه قضاة البصرة بإسناده عن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"مَنْ بُلِي بِالْقَضاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَعْدِلْ بَيْنَهُمْ فِي لَفْظِهِ وَإِشَارَتِهِ ومَقْعَدِهِ وَلَا يَرْفَعْ صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ مَا لَا يَرْفَعُهُ عَلَى الآخَرِ". وفي رواية:"فَلْيُسَوِّ بَيْنَهُمْ في النَّظَرِ، وَالْمَجْلِسِ وَالإشَارَةِ".
وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري: آسِ الناس في مجلسك، وفي وجهك، وفي قضائك، حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك. ا. هـ. منه. وقال ابن قدامة: قال سعيد، ثنا هشيم، ثنا سيار، ثنا الشعبي قال: كان بين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأبيّ بن كعب رضي الله عنه بدار في شيء، فجعلا بينهما زيد بن ثابت فأتياه في بيته، فقال عمر: أتيناك لتحكم بيننا، وفي بيته يؤتي الحكم، فوسع له زيد عن صدر فراشه فقال: ههنا يا أمير المؤمنين. فقال له عمر: جُرْتَ في أول القضاء، ولكن أجْلِسُ مع خصمي، فجلسا بين يديه، فادَّعى أبيٌّ وأنكر عمر، فقال زيد لأبيّ: اعفُ أمير المؤمنين من الحلف، وما كنت لأسألها لأحد غيره، فحلف عمر، ثم أقسم لا يدرك زيد باب القضاء حتى يكون عمر ورجل من عُرْضِ المسلمين عنده سواء. وهذا الأثر أخرجه أبو يعلي، والدارقطني، والطبراني في الكبير عن أم سلمة، وقال الشوكاني: في إسناده عباد بن كثير وهو ضعيف. =