= وقال ابن قدامة: والسنة أن يجلس الخصمان بين يدي القاضي؛ لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن يجلس الخصمان بين يدي الحاكم، رواه أبو داود.
(٢) وقوله: وإن مسلمًا وكافرًا، قال المواق: المازري: لو كان الخصمان مسلمًا وذميًا، ففي تسويتهما في المجلس كالمسلمين، أو جعل المسلم أرفع قولان. قال ابن عرفة: لم يذكر الشيخ غير الأول معزوًا لأصبغ. ا. هـ. منه.
قلت: ذكر ابن قدامة: يجوز رفع الخصم المسلم على خصمه الذميِّ، لما روى إبراهيم التيمي قال: وجد على كرم الله وجهه درعه مع يهودي، فقال: درعي سقطت وقت كذا، فقال اليهودي: درعي وفي يدي، بيني وبينك قاضي المسلمين، فارتفعا إلى شريح، فلما رآه شريح قام من مجلسه وأجلسه في موضعه، وجلس مع اليهودي بين يديه، فقال عليٌّ: إن خصمي لو كان مسلمًا لجلست معه بين يديك ولكن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"لَا تُسَاوُوهُمْ فِي الْمَجَالِس". ذكره أبو نعيم في الحلية.
تنبيهٌ: ولا ينبغي أن يضيف القاضي أحد الخصمين دون صاحبه، إما أن يضيفهما معًا أو يدعهما معًا، فقد روي عن عليّ رضي الله عنه أنه نزل به رجل فقال: إنك خصم؟ قال: نعم، قال: تحوَّل عنا، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"لَا تُضَيِّفُوا أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ إِلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ".
(٣) وقوله: وينبغي أن يفرد وقتًا أو يومًا للنساء: قال القرطبي في شرح قوله عليه الصلاة والسلام للنساء: "اجْتَمِعْنَ وَقْتَ كَذَا". على أن الإِمام ينبغي له أن يعلم النساء ما يحتجن إليه من أمر دينهن، وأن يخصهن بيوم مخصوص لذلك، كان في المسجد أو في مكان بمعناه لتؤمن الخلوة بهن، فإن تمكن بذلك بنفسه فعل، وإلا استنهض الإِمام شيخًا يوثق بعلمه ودينه لذلك حتى يقوم بهذه الوظيفة. ا. هـ. بنقل الحطاب.
(٤) وقوله: وأمر مدع تجرد قوله عن مصدق بالكلام إلى قوله: ثم مدعىً عليه ترجح قوله بمعهود أو أصل، لما كان فصل القضاء جملته في تمييز حال المدعي والمدعى عليه، شرع رحمه الله في تمييز ذلك، وجملة القول فيه أن المدعي هو أبعد المتداعيين سببًا، فهو من كان قوله على خلاف أصل أو عرف ظاهر، وأن المدعى عليه هو أقربهما سببًا، فهو من وافقت دعواه الأصل أو العرف، فالأصل كدعوى بقاء الملك والعرف كدعوى الأشبه، وظهور العرف هو إفادة ظن صدق صاحبه. =