للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يعقل الشهادة. وقال ابن سحنون: قلت لسحنون، لِمَ أجزت شهادة الصبيان بينهم في الجراح؟ ولمْ تجزْها في الحقوق والأموال؟ قال للضرورة؛ لأن الحقوق يحضرها الكبار، قلت: فيلزمك أن تجيزها في غصب بعضهم بعضًا؛ قال: هذا موضع اتباع الماضين ولا وجه للقياس فيما هو سنة أو كالسنة. اهـ. المواق.

قلت: وقد تقدمت الإِشارة إلى قول مالك بقبول شهادة الصبيان، وذكر بعض من وافقه من أهل العلم في ذلك، في الكلام على قول المصنف: العدل حر ذكر. ألخ.

(٣) وقوله: وللزنى واللواط أربعة: قال ابن قدامة: أجمع المسلمون على أنه لا يقبل في الزنا أقل من أربعة شهود، وقد نص الله ذلك بقوله تعالى في سورة النور: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (١). وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (٢).

وقد جاءت السنة بأن البينة في الزنا أربعة، فقد أخرج البيهقي بسنده إلى الشافعي قال: أنبأنا مالك عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة أن سعدًا قال: يا رسول الله، أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلًا أُمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَعَمْ". قال البيهقي: أخرجه مسلم من حديث مالك. وذكر البيهقي رواية أخرى لهذا الحديث، وزاد أن سعدًا قال - بعد قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "نعم": كلا، والذي بعثك بالحق، إن كنت لأعجله بالسيف. قال - صلى الله عليه وسلم -: "اسْمَعوا إِلَي مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ؛ إِنَّهُ غَيُورٌ، وَأنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي". قال البيهقي: رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة.

وأخرج البيهقي بسند إلى سعيد بن المسيب أن معاوية كتب إلى أبي موسى: سل عليًا رضي الله عنه عن رجل دخل بيته، فإذا مع امرأته رجل، فقتلها أو قتله؟ فسأله أبو موسى، فقال له عليّ رضي الله عنه: ما ذكرك هذا؟ إن هذا لشيء ما هو بأرضنا، عزمت عليك، قال: كتب إليَّ معاوية أنْ أسألك عنها، قال: أنا أبو الحسن، إن جاءنا بأربعة شهداء وإلا دفع برمته. اهـ. منه .. ومعلوم أن عمر رضى الله عنه جلد الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة بن شعبة رضي الله عنه لما رجع الرابع، والقضية مشهورة.


(١) سورة النور: ١٣.
(٢) سورة النور: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>