= ابن القاسم: ويجوز في الرضاع وعيوب الفرج ومعرفة حيض وحس حمل ونحوه مما لا يطلع عليه غيرهن. قال مالك: وكل شيء تقبل فيه شهادة النساء وحدهن فلا يقبل فيه أقل من امرأتين ولا تجوز شهادة امرأة واحدة في شيء من الشهادات. انتهى منه بلفظه.
وقال ابن قدامة: لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في قبول شهادة النساء المنفردات في الجملة، والذي تقبل فيه شهادتهن منفردات خمسة أشياء: الولادة والإِستهلال والرضاع، والعيوب تحت الثياب، كالرتق، والقرن، والبرص، و انقضاء العدة، والبكارة وعدمها. اهـ.
وقال ابن حجر في فتح الباري: واتفقوا على شهادتهن مفردات فيما لا يطلع عليه الرجال؛ كالحيض والولادة والاستهلال وعيوب النساء. اهـ. منه.
فإذا علمت أنه لا خلاف بين الأمة في جواز شهادتهن فيما لا يطلع عليه الرجال، فاعلم أنهم اختلفوا: هل يكفي في ذلك امرأة واحدة؟ أو لا يكفي إلا امرأتان؟ أو أكثر من ذلك؟ فالمذهب عند أصحابنا أنه لا يكفي ولا يقبل في ذلك إلا امرأتان، وهو رواية عن الإِمام أحمد، وبه قال الحكم، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة والثوري، قالوا: لأن كل جنس يثبت به الحق كفى فيه اثنان كالرجال، ولأن الرجال أكمل منهن عقلًا، ولا يقبل منهم إلا اثنان.
وقال عثمان البتي: يكفي ثلاث؛ لأن كل موضع قبل فيه النساء كان فيه العدد ثلاثة كما لو كان معهن رجل.
والرواية المشهورة عن أحمد أن كل موضع تقبل فيه شهادة النساء المنفردات فإنه تقبل فيه شهادة المرأة الواحدة، واحتجوا بما روي عن عليّ رضي الله عنه أنه أجاز شهادة القابلة وحدها في الإِستهلال. رواه الإِمام أحمد وسعيد بن منصور، إلا أنه من حديث جابر الجعفي، قال البيهقي: إنه متروك.
وأنكر أبو حنينة قبول شهادتهن منفردات في الرضاع، وأنكر قبول شهادة النساء المنفردات في الاستهلال، وخالفه في ذلك صاحباه، وقال مرة: تقبل شهادة المرأة الواحدة في ولادة الزوجات دون ولادة المطلقة. وقال الشافعي، وعطاء، والشعبي، وأبو ثور، وقتادة: لا يقبل في ذلك إلا أربع نسوة، واحتجوا بما ثبت من قوله - صلى الله عليه وسلم - "شَهَادَةُ امْرَأتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ".
وبذلك تعلم أنه لم يتفق اثنان من الأئمة الأربعة على قول في المسألة، ولا ينقضي عجبي من نسبة العلامة ابن حجر في فتح الباري عدم قبول ما دون الأربع للجمهور في الكلام على حديث أبي سعيد =