للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مالك: وإنه ليكفي في ذلك ما مضى من عمل السنة، أترى هؤلاء تنقض أحكامهم ويحكم ببدعتهم؟ هذا إغفال شديد ونظر غير سديد.

فلم يأت عن أحد من الصحابة أنه أنكر اليمين مع الشاهد، بل جاء عنهم القول به وعليه جمهور أهل العلم بالمدينة، وبه قال مالك وأصحابه، والشافعي وأتباعه، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وداود بن علي، وجماعة أهل الأثر، وهو الذي لا يجوز عندي خلافه لتواتر الآثار به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمل أهل المدينة قرنًا بعد قرن، وقال مالك: يقضى باليمين مع الشاهد في كل البلدان، ولم يحتج لمسألة في الموطإ غيرها، ولم يختلف عنه في القضاء باليمين مع الشاهد ولا عن أحد من أصحابه بالمدينة ولا بمصر وغيرهما، ولا يرف المالكيون في كل بلد غير ذلك إلا عندنا بالأندلس؛ فإن يحيى زعم أنه لم ير الليث يفتي به ولا يعمل به، فخالف يحيى مالكًا في ذلك، مع مخالفته السنة والعمل بدار الهجرة.

ثم إن اليمين مع الشاهد زيادة حكم على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنهيه عن نكاح المرأة على عمتها وخالتها مع قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (١) الآية، وكنهيه عن لحوم االحمر الأههلية وكل ذي ناب من السباع مع قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} (٢) الآية. وكالمسح على الخفين والقرآن إنما ورد بغسل الرجلين أو مسحهما، ومثل هذا كثير. ا. هـ. منه.

ومعلوم أن قول المصنف: أو أحدهما بيمين يفيد أنه إن لم يكن الشاهدان رجلين، فيجوز شهادة رجل وامرأتين، أو رجل ويمين، أو امرأتين ويمين، وهذا المذهب، قال مالك: يقبل ذلك في الأموال لأنهما في الأموال أقيمتا مقام الرجل فحلف معهما كما يحلف مع الرجل. وخالف الشافعي والحنابلة، وقالوا: لا تقبل شهادة امرأتين ويمين المدعي. انظر المغني.

(٥) وقوله: ولما لا يظهر للرجال امرأتان: قال المواق: أما أن شهادة امرأتين كافية في عيوب النساء والاستهلال والحيض، فبين. وزاد ابن شاس الرضاع، فقال أما ما لا يظهر للرجال كالولادة وعيوب النساء والرضاع فإنه إنما يشترط فيه العدد فحسب، ويقوم النساء مقام الرجال؛ فيثبت بامرأتين، وكذلك الاستهلال والحيض، وفي المدونة: قال مالك: يجوز الاستهلال والولادة بشهادة امرأتين عدلتين، قال =


(١) سورة النساء: ٢٤.
(٢) سورة الأنعام: ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>