= باليمين والشاهد، وأخرجه ابن ماجه في الأحكام، باب: القضاء بالشاهد واليمين. ونسبه المنذري للنسائي أيضًا. قال الخطابي في معالم السنن: هذا خاص في الأموال دون غيرها؛ لأن الراوي وقفه عليها، والخاص لا يتعدى به محله ولا يقاس عليه غيره، واقتضاء العموم منه غير جائز لأنه حكاية فعل، والفعل لا عموم له، فوجب صرفه إلى أمر خاص، فلما قال الراوي: هو في الأموال كان مقصورًا عليه.
قال: الخطابي: وقد رأى الحكم باليمين مع الشاهد الواحد أجلة الصحابة، وأكثر التابعين، وفقهاء الأمصار، وأباه أصحاب الرأي وابن أبي ليلى، وحكي ذلك أيضًا عن النخعي والشعبي. واحتج بعضهم في ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام:"الْبَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْه". وهذا ليس مخالفًا لحديث اليمين مع الشاهد، وإنما هو في اليمين إذا كان مجردًا، وهذه يمين مقرونة ببينة، فكل واحدة منهما غير الأخرى، وإذا تباين محلاهما جاز أن يختلف حكماهما. انتهى. وقال في المغني: مضت السنة أن يقضى بالشاهد الواحد واليمين، فإن أبى أن يحلف استحلف المطلوب، وهذا قول مالك والشافعي ويروى عن أحمد، فإن أبى المطلوب أن يحلف ثبت الحق. اهـ.
وقال أبو عبد الله القرطبي في الكلام على آية البقرة - آية الديْن - في المسألة التاسعة والعشرين: وخالف في هذا أبو حنيفة وأصحابه، فلم يروا اليمين مع الشاهد، فلا يجوز به القضاء عندهم، قالوا: لأنه يكون قسيمًا زائدًا على ما قسمه الله؛ وهذه زيادة على النص، وذلك نسخ. وممن قال بهذا الثوري، والأوزاعي، وعطاء، والحكم بن عتبة، وزعم عطاء أن أول من حكم به عبد الملك بن مروان، وقال الحكم: القضاء بالشاهد واليمين بدعة، وأول من حكم به معاوية؛ وهذا كله غلط وظن لا يغني من الحق شيئًا، وليس من نفى وجهل كمن أثبت وعلم، وليس في قوله تعالى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}. الآية، ما يرد به قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اليمين مع الشاهد، ولا أنه لا يتوصل إلى الحقوق، ولا تستحق إلا بما ذكر فيها لا غير، فإن ذلك يبطل بالنكول من المطلوب ويمين الطالب، فالمال يستحقه بذلك إجماعًا. وليس في كتاب الله، وهذا قاطع في الرد عليهم. قال علماؤنا: ثم العجب، مع شهرة الأحاديث وصحتها، بدَّعوا من عمل بها حتى نقضوا حكمه واستقصروا رأيه، مع أنه قد عمل بذلك الخلفاء الراشدون الأربعة، وأبيُّ بن كعب، ومعاوية، وشريح، وعمر بن عبد العزيز وكتب له إلى عماله، وإياس بن معاوية، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو الزناد، وربيعة، ولذلك قال =