للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وهذا الحديث ذكره ابن قدامة قال: روي عن ابن عباس أنه قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشهادة قال: "هَلْ تَرَى الشَّمْسَ" قال: نعم. قال: "عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ أَوْ دع" رواه الخلال في الجامع بإسناده. وقال الأستاذ محمود فائد، محقق الطبعة التي بيدي من مغني ابن قدامة، قال: أخرجه أيضًا العقيلي، والحاكم، وأبو نعيم في الحلية، وابن عدي، والبيهقي من حديث طاوس عن ابن عباس، وصححه الحاكم، وتعقبه الذهبي فقال: بل هو حديث واهٍ لأن في سنده محمد بن سليمان بن مشمول، وقد ضعفه غير واحد. ا. هـ. فإذا علمت ذلك فإن مستند الشهادة العلم، وهو يستند إلى السمع والبصر. فأما ما يقع من الشهادات بالرؤية فهو الأفعال جميعها؛ كالغصب، والإتلاف، والزنا، وشرب الخمر، ونحو ذلك، وكالصفات المرئية كالعيوب في البيع.

وأما ما يقع من الشهادات بالسماع فمنه العقود، كالبيع والإجارة وغير ذلك. فإنه يحتاج الشاهد فيه إلى أن يسمع كلام المتعاقدين. وبهذا قال ابن عباس والزهري، وربيعة، والليث، وشريح، وعطاء، وابن أبي ليلى، ومالك، وأحمد.

وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا تجوز الشهادة حتى يشاهد القائل المشهود عليه، لأن الأصوات قد تشتبه، فلا يجوز أن يشهد عليها من غير رؤية كالخط.

والحاصل أن مستند الشهادة العلم، فإذا حصل العلم جاز الأداء؛ فإن إخوة يوسف قالوا، فيما حكاه القرآن الكريم عنهم: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} (١). وقال تعالى في الزخرف. {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (٢). وقال تعالى في سورة بني إسرائيل: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (٣).

ومن هذا المعنى قال الشيخ علي الزقاق في المنهج المنتخب:

مستند الشهادة العلم نعم … مدركه عقل ونقل وتُضَمْ

ذوات حس لهما ومُستدل

ومعناه أن ما تستند الشهادة إليه هو العلم، فإن من علم شيئًا بوجه من الوجود الموجبة للعلم، جاز له، أن يشهد به. =


(١) سورة يوسف: ٨١.
(٢) سورة الإسراء: ٣٦.
(٣) سورة الزخرف: ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>