= أَخَوَيْكُمْ} (١) وسئل عليّ رضي الله عنه عن أهل النهروان، أمشركون هم؟ فقال: من الشرك فرُّوا، قيل: أمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلًا، قيل: فما هم؟ قال إخواننا بغوا علينا، فقاتلناهم.
فائدة: نسب الحطاب للقرطبي في شرح مسلم أن البيعة مأخوذة من البيع، وذلك أن المبايع للامام يجب أن يقيه بنفسه وماله، فكأنه بذل نفسه وماله لله تعالى، وقد وعد الله تعالى على ذلك بالجنة، فكأنه حصلت معاوضة. ثم هي - أي البيعة - واجبة على كل مسلمٍ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَة، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً" غير أنه من كان من أهل الحل والعقد والشهرة فبيعته بالقول والمباشرة باليد إن كان حاضرًا، أو بالقول والإِشهاد عليه إن كان غائبًا. قال: ويكفي من لا يؤبه به ولا يعرف، أن يعتقد دخوله تحت طاعة الإِمام وأن يسمع ويطيع له في السر والجهر، وأن لا يعتقد خلاف ذلك، فإن أضمر خلافًا لذلك فمات، مات ميتة جاهلية.
قلت: لا أعلم بيعة في الإِسلام تلزم وتعتبر شرعًا إلا هذه: بيعة الإِمام على السمع والطاعة، في اليسر والعسر، والمنشط، والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم بالحق حيثما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم.
ترى! فما هي هذه البيعة التي يأخذها شيخ الصوفية على مريديه؛ أيعتبر نفسه إمامًا خارجًا عن طاعة الإِمام الذي له البيعة ببلده؛ أم أنه يعتبرها بيعة إسلام؟! أي أنه يعتبر كل من لم يأخذ بورده خارجًا عن الإِسلام حتى يسلم ويبايعه على ذلك. لأنه لا توجد بيعة شرعية سوى بيعة الإِمام، غير هذه التي يلزم بموجبها الولاء، ينسب بموجبه المبايع إلى من بايعه على الإِسلام كأن يقال مثلًا: الجعفي مولاهم.
تتمة: لا يجوز أن ينسب إلى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به، لأنهم كلهم اجتهد فيما فعله وأرادوا الله عز وجل، وهم كلهم لنا أئمة، وقد تعبدنا الله على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالكف عما شجر بينهم، وأن لا نذكرهم إلا بأحسن الذكر، لحرمة الصحبة، ولنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن سبهم، ولأن الله غفر لهم، وأخبر بالرضا عنهم. ولقد سئل بعض السلف عن الدماء التي أريقت فيما بينهم فقال: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ =