للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون} (١).

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ". رواه البخاري، وأبو داود. وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتد عن الإِسلام، وروي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، ومعاذ، وأبي موسى، وابن عباس، وخالد، وغيرهم، فلم ينكر ذلك فكان إجماعًا. انتهى.

(١) قوله: الردة كفر المسلم بصريح أو لفظ يقتضيه، قال ابن شأس ظهور الردة إما بالتصريح بالكفر إما أن يقول قولًا يقتضيه، ومثل له ابن عرفة بإنكار غير حديث العهد بالكفر، أمرًا يعلم وجوبه بالضرورة.

(٢) وقوله: أو فعل يتضمنه كإلقاء مصحف بقذر وشد زنَّار، وكسجوده لصنم، وكتردده على كنائسهم بزيهم في أيام أعيادهم، وكأن يرمي المصحف بشيء مستقذر ولو طاهرًا كبصاق مثلًا، ومثل إلقائه به تلطيخه له؛ أو تركه به مع القدرة على رفعه منه، لأن القاعدة أن الدوام كالابتداء. قال في جواهر الإِكليل: وكالمصحف جزؤه، والحديث النبوي الشريف، والحديث القدسي، وأسماء الله الحسنى، وأسماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

قلت: لا يختلف اثنان على أن الريق المعروف باللغة المستعملة بالمشرق "بالتفلان"، لا يختلف اثنان على أنه قذر مستقذر، فإن كان المرء لا يستقذر ريقه هو لنفسه، فإنه بدون شك يستقذر ريق غيره، لذلك، فإنه لا ينقضي عجبي مما هو كالمتفق عليه في سائر المشرق، وخصوصًا بالجزيرة العربية، من قلب أوراق المصحف الشريف بالريق، وكنت ظننت، وذلك بحسن الظن، أنه ما وقع هذا الاتفاق الفعلي على قلب أوراق المصحف بالريق، إلا أن السادة الحنابلة يفتون بذلك في كتبهم، غير أني، حتى الآن، لم أقف على قول واحد بذلك عنهم. ولعله فيما لم أقف عليه من كتبهم، والذي أستطيع أن أقول: إن ذلك عمل قبيح، ينزه المصحف الشريف عنه، والمرء في ذلك مدعو أن ينظر في نفسه؛ هل يرضى أن يقوم أنظف الناس ريقًا بجعل ريقه على حُر وجهه؟ فإذا كان يربأ بوجهه المخلوق عن ذلك، فكيف يرضى به لكتاب الله؟.


(١) سورة البقرة: ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>