للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأيضًا فإن الله تعالى كان حفظ أصحاب نبيه - صلى الله عليه وسلم - بكونه ثبتهم أن يفسدهم المنافقون أو يفسدوا دينهم، فلم يكن ضرر في بقائهم بين أظهرهم، وليس ذلك كذلك اليوم؛ لأنا لا نأمن من الزنادقة أن يفسدوا عامتنا وجهالنا. والله تعالى أعلم وهو الموفق.

(٩) وقوله: وأسقطت صلاة وصيامًا وزكاة وحجًا تقدم ونذرًا، إلى قوله: بخلاف ردة المرأة، قال المواق: إن راجع المرتد الإِسلام قال في المدونة: وضع عنه ما كان لله قد تركه قبل ارتداده من صلاة أو صوم أو زكاة أو حد وما كان عليه من نذر أو يمين بعتق أو بالله أو بالظهار. ا. هـ.

ولعل المعول في ذلك على قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن العاص رضي الله عنه حين جاء ليسلم قال له: "أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإسْلَامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَالرِّدَّةُ تَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا". أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} (١) وقد اختلف مالك والشافعي في تأويل هذه الآية، فقد قال الشافعي: من ارتد ثم عاد إلى الإِسلام لم يحبط عمله ولا حجه الذي فرغ منه، بل إن مات على الردة فحينئذ حبط عمله. وقال مالك: يحبط عمله بنفس الردة، ويظهر الخلاف في المسلم إذا حج ثم ارتد ثم أسلم، فقال مالك: يلزمه الحج، لأن الأول قد حبط بالردة، وقال الشافعي: لا حج عليه لأن عمله باق. قال القرطبي: واستظهر علماؤنا بقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (٢)، قالوا: هو خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والمراد أمته، لأنه عليه الصلاة والسلام، تستحيل منه الردة شرعًا.

وقال ابن العربي: إنما ذكر الموافاة شرطًا ها هنا لأنه علق عليها الخلود في النار جزاء، قال: فمن وافى على الكفر خلَّده الله في النار بهذه الآية، ومن أشرك حبط عمله بالآية الأخرى، فهما آيتان مفيدتان لمعنيين متغايرين. وما خوطب به علمِه الصلاة والسلام فهو لأمته حتى يثبت اختصاصه به. ا. هـ. منه.

(١٠) وقوله: وأقر كافرًا انتقل لكفر آخر، قال القرطبي في تفسيره: واختلفوا فيمن خرج من كفر إلى كفر، فقال مالك وجمهور الفقهاء: لا يتعرض له، لأنه انتقل إلى ما لو كان عليه في الابتداء، لأقر عليه. وحكى ابن عبد الحكم عن الشافعي أنه يقتل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ بَدَّلَ دِينَه فَاقْتُلوهُ" ولم يخصَّ مسلمًا من كافر. وقال مالك: إنما معنى الحديث: من خرج من الإِسلام إلى الكفر، وأما من خرج من كفر =


(١) سورة البقرة: ٢١٧.
(٢) سورة الزمر: ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>