للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تنبيهٌ: الذي هو المذهب عند أصحابنا أن الزاني المحصن لا يجمع عليه بين الجلد والرجم إلا إذا ظن به أنه بكر فجلد، ثم ثبت بعد جلده أنه محصن، ففي هذه الحالة يرجم بعد ما جلد، أما إذا ثبت بادئ ذي بدء أنه ثيب، أقيم عليه الرجم دون الجلد، فقد روي عن عمر وعثمان أنهما رجما ولم يجلدا.

وروي عن ابن مسعود أنه قال: إذا اجتمع حدان لله تعالى فيهما القتل أحاط القتل بذلك، وبهذا قال النخعي، والزهري، والأوزاعي، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي وهو رواية عن أحمد، اختارها الأثرم والجوزجاني، واستدلوا بأن جابرا روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعزًا ولم يجلده ورجم الغامدية ولم يجلدها، وقال: "اغْدُ يَا أنَيْسُ إلَى امْرَأَة هذَا فَإِنِ اعْتَرَفتْ فَارْجُمْهَا". متفق عليه. ولم يأمره بجلدها، قالوا: فكان هذا آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجب تقديمه. وبالله التوفيق.

تنبيهٌ: ولا يقام الحد على حامل حتى تضع، سواء كان الحمل من زنا أو غيره. ولا خلاف في ذلك، قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على أن الحامل لا ترجم حتى تضع، وقد روى بريدة أن امرأة من بني غامد قالت: يا رسول الله، طهِّرْني. قال: "وَمَا ذَاكَ"؟ قالت: إنها حبلى من الزنى، قال: "أَنْتِ"؟ قالت: نعم، فقال لها: "ارْجِعي حَتَّى تَضَعِي مَا فِي بَطْنِكِ" قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت. قال: فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: قد وضعت الغامدية، فقال: "إذًا لَا نَرْجُمُهَا وَنَدَعُ وَلَدَهَا صَغيرًا لَيْسَ لَهُ مَنْ تُرْضِعُهُ". فقام رجل من الأنصار، فقال إليَّ إرضاعه يا نبي الله، قال: فرجمها. رواه مسلم وأبو داود.

(١٢) وقوله: وأقامه الحاكم والسيد، قال المواق: أما مستوفي الحد فهو الإمام في حق الأحرار، ولا بأس للسيد أن يقيم حد الزنى على مملوكه وحد القذف والخمر، وليس له أن يقيم حد السرقة عليه. ونسب الحطاب للمدونة أن ذلك ذريعة أن لا يمثل بعبده ويدعي عليه السرقة. ا. هـ. ودليل إقامة السيد الحد على مملوكه هو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكمْ". رواه الدَّارقُطْنِي كما في المغني، وقال ابن قدامة: هذا قول أكثر العُلماء: روي عن عليّ وابن مسعود، وابن عمر، وأبي حميد، وأبي أسيد الساعديين، وفاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم -، وعلقمة، والأسود والزهري، وهبيرة بن مريم، وأبي ميسرة، ومالك، والثوري، والشافعي، وأبي ثور، وابن المنذر. وقال ابن أبي ليلى: أدركت بقايا الأنصار يجلدون ولائدهم في مجالسهم الحدود إذا زنوا. ا. هـ. منه. وبالله تعالى التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>