للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(٣) وقوله: يوجب ثمانين جلدة ألخ. الجلد الضرب والجلدة واحدته، والمجادلة المضاربة في الجلود أو بالجلود، ثم استعير الجلد لغير ذلك من سيف أو غيره، ومنه قول قيس بن الخطيم:

أجادلهم يوم الحديقة حاسرًا … كأن يدي بالسيف مخراق لاعب

والثمانون جلدة حد القاذف الحر، لقوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (١). وللإجماع المنعقد على ذلك، كان القاذف رجلًا أو امرأة، ويشترط أن يكون بالغًا عاقلًا غير مكره، وبشرط مطالبة المقذوف بحقه، وعدم إحفار القاذف لبينة تشهد له، وذلك لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ}. (٢) فيشترط في جلد القاذف عدم البينة، وعدم إقرار المقذوف، وان كان القاذف زوجًا اعتبر شرط آخر وهو امتناع الزوج من اللعان، قال ابن قدامة: ولا نعلم خلافًا في هذا كله.

(٤) وقوله: ونصفه على العبد: قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على وجوب الحد على العبد إذا قذف الحر المحصن لأنه داخل في عموم الآية، وحده أربعون في قول أكثر أهل العلم، روي عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أنه قال: أدركت أبا بكر وعمر، وعثمان ومن بعدهم من الخلفاء، فلم أرهم يضربون المملوك إذا قذف الأربعين، وروى خِلاسٌ أن عليًا قال في عبد قذف حرًا نصف الجلد. قال: وجلد أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عبدًا قذف حرًا ثمانين، وبه قال قبيصة وعمر بن عبد العزيز، ولعلهم ذهبوا إلى عموم الآية، والصحيح الأول للإِجماع المنقول عن الصحابة رضوان الله عليهم.

تنبيهٌ: ولما كان مدار حد القذف على رفع المعرة، قال مالك من رمى صبية يمكن وطؤها قبل البلوغ بالزنى كان قاذفًا؛ وقال أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور: ليس بقذف إذ لا حد عليها، وعلى من فعل ذلك التعزير.

ونقل القرطبي عن ابن العربي قوله: هذه مسألة محتملة مشكلة، لكن مالكًا غلب حماية عرض المقذوف، وغيره راعى حماية ظهر القاذف، وحماية عرض المقذوف أولى؛ لأن القاذف كشف ستره بطرف لسانه فلزمه الحد.

وقال ابن المنذر: وقال أحمد في الجارية بنت تسع يجلد قاذفها، وكذلك الصبي إذا بلغ عشرًا =


(١) و (٢) سورة النور: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>