للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= له عليه، لأنه من العقوق، وهذا مذهب مالك في المدونة في اليمين في كتاب الديات، وفي الحد في كتاب القذف وهو أظهر الأقوال. قال: وقد مشى هنا على القول الضعيف.

قلت: العجب كل العجب من تقرير مثل هذا ومن صدوره من مثل هذا الطود الشامخ، وصدق الله العظيم: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (١). الآية. وإلا فكيف يتأتى منه تقرير جواز مطالبة الولد بأن يحد له والده والقرآن العظيم يقول: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} (٢) الآية. وقال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} (٣) الآية ومعلوم أن قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} نهي عن أدنى مرتبة من مراتب الأذى، فكان ما فوق ذلك من الأذى منهي عنه من باب أحرى، من باب الإِلحاق بنفي الفارق، قال في مراقي السعود:

إعطاء ما للفظة المسكوتا .. من باب أوْلى نفيًا أوْ سكوتا

فمعلوم أنه لا يقول عاقل: إنما نهاني القرآن عن قول أف، ولكن لم ينهني أن أوذيه بأن أطالب بأن يجلد من أجلي ثمانين جلدة. أعوذ بالله من تقرير مثل ذلك، وقد يكبو الجواد، والله يغفر لنا وله ولجميع المسلمين.


(١) سورة النساء: ٨٢.
(٢) سورة الإسراء: ٢٣.
(٣) سورة العنكبوت: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>