للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= إليَّ. رواه مسلم. ا. هـ. منه.

قلت: الذي استشار عمر فيه الناس هو قدامة بن مظعون الجمحي رضي الله عنه قال القرطبي:

ذكر الحميديّ عن أبي بكر البرقاني عن ابن عباس، قال: لما قدم الجارود من البحرين قال: يا أمير

المؤمنين، إن قدامة بن مظعون قد شرب مسكرًا، وإني إذا رأيت حقًا من حقوق الله حق عليّ أن أرفعه

إليك؛ فقال عمر: من يشهد على ما تقول؟ فقال: أبو هريرة؛ فدعا عمر أبا هريرة فقال: علامَ تشهد

يا أبا هرير؟ فقال: لم أره حين شرب، ورأيته سكران يقيء، فقال عمر: لقد تنطَّعت في الشهادة؛

كتب عمر إلى قدامة وهو بالبحرين يأمره بالقدوم عليه، فلما قدم قدامة والجارود بالمدينة، كلم الجارود

عمر، فقال: أقم على هذا كتاب الله، فقال عمر للجارود: أشهيد أنت أم خصم؟ فقال الجارود أنا

شهيد، قال: قد كنت أديت الشهادة؛ ثم قال لعمر: أنشدك الله! فقال عمر: أما والله لتملكنَّ لسانك

أو لأسوأنّك فقال الجارود: أما والله ما ذلك بحق، أيشرب ابن عمك وتسوؤني؟ فأوعده عمر، فقال أبو هريرة وهو جالس: يا أمير المؤمنين، إن كنت في شك من شهادتنا فسل بنت الوليد امرأة ابن مظعون، فأرسل عمر إلى هند يسألها بالله، فأقامت هند على زوجها الشهادة، فقال عمر: يا قدامة، إني جالدك، فقال قدامة: والله لو كنت شربت، كما يقولون، ما كان لك أن تجلدني يا عمر. قال: ولِمَ يا قدامة؟. قال: لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} (١) الآية: فقال عمر: أخطأت التأويل يا قدامة، إذا اتقيت الله اجتنبت ما حرم الله. ثم أقبل عمر على القوم فقال: ما ترون في جلد قدامة؟ فقال القوم: لا نرى أن تجلده ما دام وجعًا، فسكت عمر عن جلده، ثم أصبح يومًا فقال لأصحابه: ما ترون في جلد قدامة؟ فقال القوم: لا نرى أن تجلده ما دام وجعًا، فقال عمر: إني والله لأن يلقى الله تحت السوط أحب إليَّ من أن يلقى الله وهو في عنقي، والله لأجلدنه، ائتوني بسوط فجاءه مولاه أسلم بسوط رفيق صغير، فاخذه عمر فمسحه بيده ثم قال لأسلم: أخذتك دقرارة أهلك، ائتوني بسوط غير هذا. قال فجاءه أسلم بسوط تام، فأمر عمر بقدامة فجلد. فغاضب قدامةُ عمرَ وهجره؛ فحجّا وقدامة مغاضب لعمر حتى قفلوا من حجهم ونزل عمر بالسُّقيا ونام بها، فلما استيقظ قال: عجلوا علي بقدامة، انطلقوا فائتوني به، والله لأرى في النوم أنه جاءني =


(١) سورة المائدة: ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>