= تنبيهٌ: ومال العبد المعتق يتبعه عند أصحابنا إلَّا إذا اشترطه السيد، هذا قول مالك وأهل المدينة، والحسن، وعطاء، والشعبي، والنخعي، قالوا: لما روى نافع عن ابن عمر قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ عْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُ الْعَبْدِ لَهُ، إلَّا أنْ يَشْتَرطَه السَّيِّدُ". رواه أبو داود، وهو في البخاري في الشرب والمساقاة، وأخرجه مسلم في البيوع باب: من باع نخلًا عليها ثمر. وأخرجه الترمذي في البيوع، وابن ماجة في العتق.
وقال ابن قدامة: من أعتق عبدًا وله مال فمال العبد لسيده. روي هذا عن ابن مسعود، وأبي أيوب، وأنس بن مالك. وبه قال قتادة، والحكم، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي، وروي ذلك عن حماد، والبتي، وداود بن أبي هند. واحتجوا بما روى الأثرم عن ابن مسعود أنه قال لغلامه عمير: إني أريد أن أعتقك عتقًا هنيئًا، فأخبرني بمالك، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ غلَامَهُ فَلَمْ يُخْبِرْهُ بِمَالِهِ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ". قالوا: ولأن العبد وماله كانا جميعًا للسيد، فأزال ملكه عن أحدهما وبقي ملكه في الثاني كما لو باعه، وبدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ". أخرجه البخاري، ومسلم وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة.
وقال الخطابي في معالم السنن: وإذا ثبت هذا الحديث ومقتضاه، وجب أن يحمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُ الْعَبْدِ لَهُ". على الاستحباب أن يسمح به للعبد إذ كان العتق منه إنعامًا عليه، ومعروفًا اصطنعه إليه، فندب إلى مسامحته فيما بيده من المال؛ ليكون ذلك إتمامًا للصنيعة التي أسداها إليه، وقد جرئ من عادة السادة أن يحسنوا إلى مماليكهم إذا أرادوا إعتاقهم، فكان أقرب ذلك أن يتغاضى عما في يده من المال. والله أعلم. ا. هـ. منه بتصرف.
قلت: الإِنصاف والاعتدال يلوحان على ما قاله الخطابي في هذه المسألة. وبالله تعالى التوفيق.
تنبيهٌ آخر في بيان في الرقاب أفضل، فقد أخرج في الموطإ مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الرقاب أيها أفضل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَغْلَاهَا ثَمَنًا وأنفَسَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا". والله الموفق.