للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وإسحاق بن راهويه، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: يعتق من كل واحد منهم الثلث ويستسعى في ثلثيه للورثة ويعتق، ويروى ذلك عن الشعبي والنخعي. وعلى هذا القياس إذا أعتق في المرض الذي مات فيه عبدًا، ولم يكن له مال غيره، فإنه يعتق منه الثلث، ويكون ثلثاه رقيقًا للورثة في قول مالك والشافعي؛ وعند أبي حنيفة وأصحابه يعتق ثلثه، ويستسعى في ثلثيه للورثة ويعتق.

قال الخطابي: وقد أخبر عمران بن حصين في هذا الحديث أنه أعتق اثنين منهم وأرَقَّ أربعة، فصرح بوقوع القسمة في الأعيان دون الأجزاء، ولو أراد الأجزاء، لقال: فأعتق الثلث وأرق الثلثين، وما أشبه ذلك من الكلام. والله أعلم.

قال: وفي قوله: فأعتق اثنين، بيان صحة وقوع العتق لهما والرق لمن عداهما. وفي قول من يرى استسعاء كل واحد منهم في ثلثي قيمته، ترك الأمرين معًا، لأنه لا يعتق أحدًا منهم ولا يرقه، وفي ذلك مخالفة الحديث على وجهه، وقد جاء بيان ما قلناه صريحًا من رواية الحسن عن عمران بن حصين: حدثنا إبراهيم بن فارس، حدثنا أحمد بن علي بن سهل، حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي، حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء الخراساني، عن سعيد بن المسيب، وأيوب عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين، وقتادة، وحميد، وسماك بن حرب، عن الحسن عن عمران بن حصين: أن رجلًا أعتق ستة مملوكين له عند موته وليس له مال غيرهم، فأقرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم، فأعتق اثنين ورد أربعة في الرِّقِّ. فقوله: ورد أربعة في الرق، يبطل كل تأويل بخلاف ظاهر الحديث.

وقال ابن قدامة: وقد أنكر أصحاب أبي حنيفة القرعة وقالوا: هي قمار، وحكم الجاهلية، قال: والقرعة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع. فأما الكتاب فقوله تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} (١). الصافات، وقوله تعالى في آل عمران: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} (٢). وأما السنة: فقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - أقرع بين نسائه - وأنه أقرع في ستة مملوكين - وقال لرجلين: "اسْتَهِمَا" وقال: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاء وَالصَّفِّ الْأوَّلِ لاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ". إلى غير ذلك من الأحاديث الثابتة في القرعة. =


(١) سورة الصافات: ١٤١.
(٢) سورة آل عمران: ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>