= مزاحم، وأهل الظاهر. وروي عن عمر بن الخطاب وابن عباس، واختاره الطبري. احتجوا بأن سيرين أبا محمد بن سيرين كان سأل أنس بن مالك الكتابة وهو مولاه، فأبى، فرفع عمر عليه الدرة وتلا:{فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}(١). الآية؛ فكاتبه، قالوا: وما كان عمر ليرفع الدرة على أنس فيما أبيح له أن لا يفعله.
وقال عامة علماء الأمصار بعدم وجوبها، قالوا، لأن الإِجماع منعقد على أنه لو سأله أن يبيعه من غيره لم يلزمه ذلك، ولم يجبر عليه ولو ضوعف له الثمن، وانعقد كذلك على أنه لو قال له: اعتقني أو ديِّرني أو زوِّجني لم يلزمه ذلك؛ قالوا: فكذلك المكاتبة، لأنها معاوضة فلا تصح إلا عن تراض. واحتج الجمهور جوابًا عن تمسك من أوجبها بأن الأمر للوجوب، بأنه مسلم فيما عري عن قرينة صارفة له عن الوجوب، وهو هنا علق بشرط علم الخير فيه، وهو أمر باطن، فإذا قال لسيّده: كاتبني. فقال: لا أعلم فيك خيرًا، عوِّل على ذلك.
قال ابن قدامة: يستحب له إجابته إذا علم فيه خيرًا، ولم يجب ذلك في ظاهر المذهب، وهو قول عامة أهل العلم، منهم، الحسن، والشعبي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي. ا. هـ. منه.
(٢) وقوله: وحط جزء آخرًا: هذا الحكم أخذه مالك رحمه الله من قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}(٢). فقد رأى مالك هذا الأمر على الندب، ولم ير لقدر الوضيعة حدًا، ورأى أيضًا هو وغيره، أن يكون الوضع من آخر نجم؛ وعلل ذلك بأنه إذا وضع من أول نجم ربما عجز العبد، فرجع هو وماله إلى سيّده، وتعود إليه وضيعته وهي شبه الصدقة. وبهذا قال عليّ رضي الله عنه وابن عمر رضي الله عنهما.
قال القرطبي: هذه الآية أمر للسَّادة بإعانتهم في مال الكتابة، إمَّا بأن يعطوهم شيئًا مما في أيديهم - أعني أيدي السادة - وإما أن يحطوا عنهم من مال الكتابة. وقد وضع ابن عمر خمسة آلاف من خمسة وثلاثين ألفًا، واستحسن عليٌّ رضي الله عنه أن يكون ذلك ربع الكتابة، قال: واستحسن ابن مسعود والحسن بن أبي الحسن ثلثها، وقال قتادة: عشرها، وقال ابن جبير: يسقط عنه شيئًا ولم يحدّه، وهو =