للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(٢) وقوله: أو عتق غيره عنه بلا إذن: قال أبو عمر: فأما عتق الرجل عن غيره، فإن مالكًا وأصحابه، إلا أشهب، قالوا: الولاء للمعتق عنه، وسواء أمر بذلك أو لم يأمر، إذا كان مسلمًا، وإن كان نصرانيًا فالولاء لجماعة المسلمين، وكذلك قال الليث بن سعد في ذلك كله. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: من أعتق عن غيره فالولاء للمعتق عنه، كقول مالك.

وقال الشافعي: إذا عتقت عبدك عن رجل حي أو ميت بغير أمره فولاؤهُ لك، وإن أعتقه عنه بأمره، بعوضٍ أو بغير عوض، فولاؤه له دونك. قال الشافعي: ولا يكون ولاء لغير معتق أبدًا، وكذلك قال الإِمام أحمد وداود.

قال: وأما حجة مالك ومن ذهب مذهبه: فمنها ما حدثناه أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن، وأحمد بن محمد بن أحمد، قالا: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا نعيم بن حماد، قال: حدثنا ابن المبارك قال: حدثنا يونس بن يزيد، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث ذكره فيه طول: "إِنَّ نَبِيَّ اللهِ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامَ قَالَ فِي بَلَائِهِ: إنَّ الله لَيَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أَمُرُّ عَلَى الرَّجُلَيْنِ يَتَنَازَعَانِ وَيَذْكُرَانِ اللهَ، فَأرْجِعُ إِلَى بَيْتي فَأُكَفِّرُ عَنْهُمَا كَرَاهَةَ أنْ يَذْكُرا اللهَ إِلَّا في حَقٍّ". قال: ولو لم يجز عند أيوب لم يكفر عنه. قال: وإذا جاز العتق للإِنسان عن غيره في شريعة أيوب عليه السلام، لم ينسخ ذلك في شريعتنا إِلا بأمر بين، فالواجب الاقتداء به لقول الله عز وجل: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (١)،. وقال ابن القاسم: من أعتق عن رجل بغير أمره في كفارة إنه يجزئه. قال أبو عمر: حجتهم في ذلك ما تقدم، والقياس على أداء الدين عن غيره بغير إذنه.

(٣) وقوله: إلا كافرًا عتق مسلمًا ألخ. قال أبو عمر: وأما النصراني يعتق عبده المسلم قبل أن يباع

عليه، فإن مالكًا وأصحابه يقولون: ليس له من ولائه شيء، وولاؤه لجماعة المسلمين، ولا يرجع إليه

الولاء أبدًا وإن أسلم ولا إلى ورثته وإن كانوا مسلمين، وحجتهم في ذلك أنّ إسلام عبد النصراني يرفع ملكه عنه ويوجب إخراجه عن يده، فلما كان ملكه يرتفع بإسلامه لم يثبت الولاء له بعد عتقه وكان لجماعة المسلمين، ولم ينتقل عنهم لأنه لحمة كلحمة النسب. والدليل على ارتفاع ملك النصراني عن عبده المسلم. قوله تعالى. {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (٢). وقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ


(١) سورة الأنعام: ٩.
(٢) سورة آل عمران: ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>