(٢) وقوله: كغيره بزائد الثلث: مراده أن الوصية لغير الوارث تلزم في الثلث، وأنها باطلة فيما زاد يلى الثلث، إلا إذا أجازها الوارث، وإن رد الوارث ما زاد على الثلث بطل في قول جميع أهل العلم، الأصل في ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن أبي وقاص حين قال: أوصي بمالى كله؟ قال:"لَا" قال: بالثلثين؟ قال:، "لَا" قال: بالنصف؟ قال:"لَا" قال: فبالثلث؟ قال:"الثُّلُثُ، وَالثلُثُ كَثِيرٌ".
قال أبو عمر في التمهيد: هذا حديث اتفق أهل العلم على صحة إسناده، وجعله جمهور الفقهاء أصلًا في مقدار الوصية، وأنه لا يتجاوز بها الثلث، إلا أن في بعض ألفاظه اختلافًا عند نقلته، فمن ملك أن ابن عيينة قال فيه: عن ابن شهاب عن عامر بن سعد عن أبيه: مرضت عام الفتح؛ وانفرد بذلك عن ابن شهاب فيما علمت. وقد روينا هذا الحديث من طريق معمر ويونس بن يزيد، وعبد العزيز بن أبي سلمة، ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن أبي عتيق وإبراهيم بن سعد، فكلهم قال فيه عن ابن شهاب عام حجة الوداع، كما قال مالك. قال: ولم يختلف أحد عن ابن شهاب، لا ابن عيينة ولا غيره، أنه قال فيه:(أفأتصدق) بمالي كله، أو بثلثي مالي؟ ولم يقل: أفأوصي؟ قال: فإن صحت هذه اللفظة التي هي قوله: أفأتصدق، كان في ذلك حجة قاطعة لما ذهب إليه مالك، والليث، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وأبي حنيفة وأصحابه، وأحمد، وعامة أهل الحديث والرأي. وحجتهم حديث عمران بن حصين في الذي أعتق ستة أعبد له في مرضه لا مال له غيرهم، ثم توفي، فأعتق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم اثنين وأرقّ أربعة. =