= قال: وقالت فرقة من أهل النظر وأهل الظاهر، منهم داود، في هبة المريض، إنها من جميع ماله. والحجة عليهم شذوذهم عن السلف، ومخالفة الجمهور، وما ذكرنا في هذا الباب من حديث سعد بن أبي وقاص، وعمران بن حصين.
قلت: لفظ حديث سعد، كما جاء في الموطإ: مالك، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يعودني عام حجة الوداع، وبي وجع قد اشتد بي، فقلت: يا رسول الله، قد بلغ مني الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا ترثني إلا ابنة لي، أفتصدق بثلثي مالي؟ قال:"لَا" قلت: فالشطر؟ قال:"لَا " قلت: الثلث؟ قال:"الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْر مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغي بِهَا وَجْهَ اللهِ إلَّا أُجِرْتَ فِيهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلَ فِي فِي امْرَأَتِكَ". قال: قلت: يا رسول اللهِ، أَأُخفَفُ بعد أَصْحَابِي؟ قال:"إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا إِلا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَة، وَلَعَلَّكَ أنْ تُخَلَّفَ حَتَّى ينْتَفعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَروُنَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأصْحَابِي هِجْرتَهُمْ وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ. لكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ". ا. هـ.
قال أبو عمر: وأجمع علماء المسلمين على أنه لا يجوز لأحد أن يوصي بأكثر من ثلث ماله إذا ترك ورثة من بنين أو عصبة.
واختلفوا إذا لم يترك بنين ولا عصبة ولا وارثًا بنسب أو نكاح، فقال ابن مسعود إذا كان كذلك جاز له أن يوصي بماله كله. وروي عن أبي موسى الأشعري مثل ذلك. وقال بقولها قوم منهم: مسروق، =