= دون بنات الإبن، ولم يفصلا. وحكاه ابن المنذر أيضًا عن أبي ثور.
وقال أبو عمر: وخالف في ذلك ابن مسعود فقال: وإذا استكمل البنات الثلثين، فالباقي لبني الإبن دون أخواتهم ودون من فوقهم من بنات الإبن، ومن تحتهم. قال: وإلى هذا ذهب أبو ثور وداود بن علي، وروي مثله عن علقمة، واحتجوا بحديث ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إقْسِمُوا الْمَالَ بَيْنَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ عَلَى كِتَابِ اللهِ، فَمَا أَبْقَتِ الْفَرائِضُ فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ".
وأجاب الجمهور عن ذلك بقوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} لأن ولد الولد ولد، ومعلوم من جهة النظر والقياس أن كل من يعصب من في درجته في جملة المال كان حريًا أن يعصبه في الفاضل من المال عن الفروض؛ كأولاد الصلب، فوجب لذلك أن يشرك ابن الإبن أخته، كما يشرك ابن الصلب أخته، فإن قيل: بنت الابن لما لم ترث شيئًا من الفاضل بعد الثلثين منفردة، لم يعصبها أخوها إن وجد، فالجواب: إنها إذا كان معها أخوها قويت به وصارت عصبة معه. والله تعالى يقولْ:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}. وهي من الولد.
تنبيهٌ: استشكل بعض طلبة العلم وجه إعطاء البنتين الثلثين من التركة، وقد قال الله تعالى:{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ}(١). قالوا: فرض الله للواحدة النصف، وفرض لما فوق الثنتين الثلثين، ولم يفرض للثنتين فرضًا في كتابه، فأين مدرك إعطائهما الثلثين؟ فإن قيل: الإجماع، قيل: ذلك مردود بما روي عن ابن عباس أن الصحيح أنه يعطى البنتين النصف؛ لأن الله تعالى يقول:{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ}(٢) قال: هذا شرط وجزاء، فلا أعطي البنتين الثلثين.
والتحقيق إن شاء الله أن الدليل في إعطائهن الثلثين من السنة، وهو حديث جابر بن عبد الله الصحيح المروي في سبب نزول آية المواريث هذه: أن امرأة سعد بن الربيع قالت: يا رسول الله، إنَّ سعد هلك وترك بنتين وأخاه، فعمد أخوه فقبض ما ترك سعد، وإنما تنكح النساء على أموالهن، فلم يجبها في مجلسه ذلك، ثم جاءته فقالت: يا رسول الله، ابنتا سعد؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ادْع لِي أَخَاهُ". فجاء فقال له:"ادْفَعْ إِلَى ابْنَتَيْهِ الثُّلُثَيْنِ وَإلَى امْرَأتِهِ الثُّمُنَ وَلَكَ مَا بقي". فهذا نص من السنة صريح في إعطاء البنتين الثلثين، والله الموفق.