= نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ". وهذا حديث متفق عليه، قال البغوي: أخرجه البخاري عن موسى بن اسماعيل، وأخرجه مسلم عن أبي كامل الجحدري كلاهما عن عبد الواحد بن زياد.
وروي عن سمرة بن جندب أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يسكت سكتتين، ولفظه عند الدارمي: أخبرنا عفان، ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن سمرة بن جندب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسكت سكتتين إذا دخل في الصلاة، وإذا فرغ من القراءة. فأنكر ذلك عمران بن حصين فكتبوا إلى أُبيِّ بن كعب فكتب إليهم أن قد صدق سمرة. قال أبو محمد: كان قتادة يقول ثلاث سكتات، وفي الحديث المرفوع سكتتان. ا. هـ.
وحاصل حكم القراءة خلف الإمام ما لخصه البغوي فيما يلي:
أولًا - قال جماعة من أهل العلم بوجوبها خلف الإمام جهر أو أسَرَّ. منهم عمر وعثمان، وعليّ، وابن عباس، ومعاذ، وأبيُّ بن كعب، وبه قال مكحول، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، قالوا:
إن أمكنه أن يقرأ الفاتحة في سكتة الإمام فعل، وإلا قرأ معه.
ثانيًا - وذهب جماعة من أهل العلم الى أنه يقرأ فيما أسرَّ فيه الإمام القراءة، ولا يقرأ فيما جهر. ومن هؤلاء: عبد الله بن عمر، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد ونافع بن جبير، والزهري، ومالك، وابن المبارك وأحمد بن حنبل، واسحاق بن راهويه، وهو رواية ثانية عن الشافعي.
ثالثًا - وذهب قوم من أهل العلم إلى أنه لا يقرأ أحد خلف الإمام، أسَرَّ الإمام أَو جَهَرَ، منهم: زيد ابن ثابت، وجابر، ويروى عن ابن عمر: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ خَلْفَ الْإِمَامِ فَحَسْبُهُ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ". رواه مالك في الموطإ، وبه قال سفيان الثوري وأصحاب الرأي. قلت: ولعله مستند المُصَنِّف في قوله: ولو سكت إمامه. وبالله تعالى التوفيق.
(١) قوله: كرفع يديه مع إحرامه حين شروعه؛ قد تقدم الكلام عليه بما فيه كفاية، عند الكلام على قول المُصَنِّف: "وَسَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ". لإمام وفذ، وذكرنا هناك أنه ثابت عند الروع وعند الركوع والرفع منه، فأغنى ذلك عن عادته هنا. والله الموفق.