(٢) وقول المُصَنِّف: و إنصات مقتد ولو سكت إمامه؛ دليله حديث عبادة بن الصامت ولفظه عند البغوي: قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصبح، فثقلت عليه القراءة فلما انصرف قال:"إِنَّي أَرَاكُمْ تَقْرَؤُونَ وَرَاءَ إمَامكُمْ"؟. قال: قلنا: يا رسول الله، إي والله. قال: لَا تَفْعَلُوا إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرأُ بِهَا". قال البغوي: قال أبو عيسى: هذا حديث حسن. ا. هـ. وهذا الحديث أخرجه الترمذي، وأحمد، وأبو داود، والحاكم، والدارقطني.
قال الألباني في صلاته: هذا الأمر بقراءة الفاتحة خلف الإمام في الجهرية نسخ بما أخرجه البخاري في جزئه، وأبو داود واحمد وحسنه الترمذي والدارقطني؛ إنه نهاهم عن القراءة كلها في الجهرية، وذلك حينما انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: "هَلْ قَرَأَ مَعِي مِنْكُمْ أَحَدٌ آنِفًا". فقال رجل: نعم، أنا يا رسول الله. فقال: "إِنِّي أَقُولُ: مَالِي أُنَازَعُ". فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما جهر فيه بالقراءة، حين سمعوا ذلك من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقد جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنصات المأموم لقراءة الإمام من كمال الائتمام به، فقال: "إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤتَمَّ بِهِ، فَإذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وإذَا قَرَأَ فَأنْصِتُوا". أخرجه مسلم وأبو داود وأبو عوانة.
وجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قراءة الإمام قراءَةً للمأموم في الجهرية فقال: "مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ". قال الألباني: أخرجه الدارتطني وابن ماجه والطحاوي وأحمد من طرق كثيرة.
وقوله: ولو سكت إمامه؛ قال الدردير: ولو سكت إمامه بين تكبير وفاتحة أو بين فاتحة وسورة، أو لم يسمعه لعارض، فتكره قراءته ولو لم يسمعه.
قلت: ثبت في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يسكت بين التكبير وقراءة الفاتحة، ونصه واللفظ للبغوي: عن أبي هريرة قال: سَكَتَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بين التكبير والقراءة إسكاتة قال: حسبته قال هنيهة، قال: قلت: بأبي وأمِّي يارسول الله، أرأيت إسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟. قال: "أَقُول: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمْ =