= (٣) وقوله: ولا غائب، أما الصلاة على الغائب فقد وردت في الحديث المتفق عليه من رواية أبي هريرة؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعى للناس النجاشي، اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى، فصف بهم، فكبر أربع تكبيرات. قال البغوي: ومن فوائد هذا الحديث جواز الصلاة على الميت الغائب، ويتوجهون إلى القبلة، لا إلى بلد الميت، إن كان في غير جهة القبلة. قال: وذهب بعضهم إلى أن الصلاة على الميت الغائب لا تجوز، وهو قول أصحاب الرأي. وزعموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مخصوصًا به، وهذا ضعيف، لأن الاقتداء به في أفعاله واجب على الكافة، ما لم يقم دليل على الخصوص. ولا تجوز دعوى التخصيص ها هنا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل عليه وحده، وإنما صلى مع الناس. ا. هـ. منه.
وقوله: ولا تكرر، هو جري على ما عرفوا به فرض العين وفرض الكفاية من أن الأول هو الذي يتكرر الفائدة بتكراره بخلاف الثاني، قال في المنهج المنتخب:
وفرض عين الذي تكررا … نفعٌ به غير كفائيٌّ يرى
وبالله تعالى التوفيق.
(١) وقوله: وأولى الناس بالصلاة وصي رجي خيره؛ هذا خلاف ما في المدونة: قلت لابن القاسم: أيهم أولى بالصلاة؛ الجد أم الأخ؟. قال: الأخ. قال ابن القاسم قال مالك: إنما ينظر في هذا إلى من هو أقعد بالميت، فهو أولى بالصلاة عليه. ا. هـ. منه، غير أن مذهب المصنف هنا أولى بالصواب، لما نقله ابن قدامة عند قول الخرقي: وأحق الناس بالصلاة عليه من أوصى له أن يصلي عليه. قال: هذا مذهب أنس، وزيد بن أرقم، وأبي برزة، وسعيد بن زيد، وأم سلمة، وابن سيرين، إلى أن قال: وروي أن أبا بكر أوصى أن يصلي عليه عمر. قاله أحمد. قال: وعمر أوصى أن يصلي عليه صهيب، وأم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد، وأبو بكرة أوصى أن يصلي عليه أبو برزة. وقال غيره. وعائشة أوصت أن يصلي عليها أبو هريرة. وابن مسعود أوصى أن يصلي عليه الزبير، ويونس أوصى أن يصلي عليه أنس بن مالك. وأبو سريحة أوصى أن يصلي عليه زيد بن أرقم، فجاء عمرو بن حُرَيْث أمير الكوفة فتقدم ليصلي عليه، فقال ابنه: أيها الأمير، إن أبي أوصى أن=