للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تنبيه: من أنكر وجوب الزكاة جهلًا به، وكان ممن يجهل ذلك، إما لأنه حديث عهد بالإسلام، وإما لأنه جاهل نشأ في بادية نائية عن الأمصار، عرف وجوبها ولا يحكم بكفره؛ لعذره بالجهل في هاتين الحالتين، وإن كان جاحدها مسلمًا ناشئًا في بلاد الإسلام بين أهل العلم، فهو مرتد تجري عليه أحكام الردة؛ يستتاب ثلاثًا فإن تاب وإلا قتل كافرًا؛ لأن أدلة الزكاة ظاهرة في الكتاب والسنة والإجماع، فهي مما علم من الدين بالضرورة، فمن جحدها لا يكون ذلك إلا لتكذيبه الكتاب والسنة ولكفره بهما.

تنبيه: فإن منعها معتقدًا وجوبها، وقدر الإمام على أخذها منه، أخذها وعزره، ولم يأخذ منه زيادة عليها من ماله، في قول أكثر أهل العلم. منهم: مالك وأبو حنيفة والشافعي وأتباعهم، وكذلك إن جحد ماله حتى لا تؤخذ منه الزكاة فظهر عليه الإمام، أخذ زكاة ماله وعزره على الجحد. وقال إسحاق بن راهويه وأبو بكر بن عبد العزيز: يأخذ الزكاة وشطر ماله لما روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول: "فِي كُلِّ سَائِمَةِ الإبِلِ فِي كُلِّ أربَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ لَا تفرقُ عَنْ حِسَابِهَا مَنْ أعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا فَلَهُ أجْرُهَا، وَمَنْ أبَاهَا فَإنِّي آخِذُهَا وَشَطْرَ مَالِهِ، عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا، وَلَا يَحِلُّ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ". قال ابن قدامة: وذكر هذا الحديث لأحمد فقال: لا أدري ما وجهه. وسئل عن إسناده، فقال: هو عندي صالح الإسناد. رواه أبو داود والنسائي. ا. هـ. منه.

ودليل مالك ومن وافقه على أخذ الواجب منه، وعدم الزيادة على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْس فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ". ولأنه لم ينقل عن الصحابة أنهم أخذوا من مانع الزكاة أكثر من الواجب، ولا قول بذلك عن أحدهم، وأجيب عن حديث بهز بأنه كان في صدر الإسلام فنسخ بقوله - صلى الله عليه وسلم - "لَيْسَ فِي الْمَال حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ".

تنبيه: اختار البخاري جواز نقل الزكاة من بلد المال لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ". لأن الضمير فيه يعود بعمومه على المسلمين، فأي فقير منهم ردت فيه الصدقة في أي جهة كان، فقد وافق عموم الحديث. ورجحه ابن دقيق العيد بقوله: إنه وإن لم يكن الأظهر، إلا أنه يقويه أن أعيان الأشخاص المخاطبين في قواعد الشرع الكلية، لا تعتبر في الزكاة كما =

<<  <  ج: ص:  >  >>