(٣) وقوله: فإن تخلف وأخرجت أجزأ على المختار؛ هو تناقض منه في نظري؛ لأنه قرر أن الساعي، وجوده وبلوغه شرط في الوجوب، فكيف يقول بعد ذلك: فإن تخلف وأخرجت أجزأ على المختار؟!. فما هو الموصوف هنا بالإجزاء، إذا اعتبرنا أن التكليف بالزكاة لا يتوجه إلى المكلف إلا بعد بلوغ الساعي؟. فلابد أنه يلزم من الوصف بالإجزاء هنا، أن هناك خطابًا ترتب عليه الوجوب غير مجيءِ الساعي لأنه تخلف، فيكون المصنف تناقض في وصفه بلوغ الساعي بأنه شرط وجوب، ثم يرتب حكمًا بالإجزاء مع عدم توجه الخطاب أصلًا، لتخلف شرط وجوبه. والله الموفق.
وكذلك قوله: وإلا عمل على الزيد والنقص للماضي بتبدية العام الأول، إلا أن ينقص الأخذ النصاب أو الصفة؛ فهذه عمليات موجبها تخلفه، فعلى أنه شرط وجوب، لا تصح بتاتًا، إذ لم يترتب بذمة المكلف شيء، فهل تتصور مطالبة المكلف بقضاء ما مر عليه من صوم في صبوته قبل بلوغه، أو بقضاء ما ضاع من أوقاته قبل البلوغ؟. ذلك أنه ليس من أهل الخطاب أصلًا لقوله - صلى الله عليه وسلم - "رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ" ثم عد منهم "الصَّبِيُّ حَتَّى يَبْلُغَ". والمختصر يقول أن الساعي شرط وجوب، إن كان وبلغ، ثم يرتب في الذمم ما بلوغه شرط في وجوبه أصلًا، أمر غريب!!.