(١) وقوله: كستة من شوال، الرأي عندي - والذي يليق برسوخ قدم الإِمام مالك في العلم - أنه إنما كره صومها مباشرة بعد الفطر، خشية التلبيس على العوام، وأن يظنوا أنها من رمضان، كما هو مشاهد الآن في بعض الأقاليم في المشرق، وإن كراهة ذلك أيضا مقيدة بمن يقتدى به، وإلا فكيف يتصور من مالك أن يقول بكراهة صوم ستة أيام من شوال مطلقًا؟! بعد ما يصله قوله - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي أيوب الأنصاري، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَذلِكَ كصِيَامِ الدَّهْرِ". أخرجه مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي.
ونقل ابن القيم في تهذيب السنن: قال ابن عبد البر: لم يبلغ مالكًا حديث أبي أيوب؛ على أنه حديث مدني، والإِحاطة بعلم الخاصة لا سبيل إليه، والذي كرهه مالك قد بينه وأوضحه؛ خشية أن يضاف إلى فرض رمضان، وأن يسبق ذلك إلى العامة. ا. هـ. محل الغرض بواسطة نقل المعلق على شرح السنة جـ ٦/ ص ٣٣٢.
قلت: ويؤيد كراهة اتصال الصوم بيوم الفطر ما أخرجه عبد الرزاق قال: وسألت معمرًا عن صيام الست التي بعد يوم الفطر، وقالوا له: تصام بعد الفطر بيوم؟. فقال: معاذ الله!. إنما هي أيام عيد وأكل وشرب، ولكن تصام ثلاثة أيام قبل أيام الغر، أو ثلاثة أيام الغر أو بعدها. وأيام الغر: ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر. وسألنا عبد الرزاق عمن يصوم يوم الثاني فكره ذلك، وأباه إباء شديدًا. ا. هـ.
(٢) وقوله: وذوق كملح وعلك ثم يمجه، من المدونة ما نصه: كره مالك للصائم ذوق العسل والملح وشبهه إن لم يدخل جوفه، وكره مضغ العلك أو مضغ الطعام للصبي. ا. هـ. بنقل المواق.
وفي المصنف أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر قال: سمعت قتادة يسأل عن العلك، فقال: إني لأكرهه للصائم وغير الصائم. ا. هـ. وفيه غير ذلك مما يشهد له.
وأما بالنسبة لمضغ الطعام للصبي، فقد أخرج عبد الرزاق في المصنف: بابُ المرأة تمضغ لصبيها؛ وهي صائمة وتذوق الشيء؛ عبد الرزاق عن معمر قال: سألت حمادًا عن المرأة الصائمة تذوق المرقة، فلم ير عليها في ذلك بأسًا. قال: وإنهم ليقولون: ما شيء أبلغ في ذلك من الماء يمضمض به الصائم. ا. هـ. =