للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِخِلَافِ بَعِيدِ التَّأوِيلِ كَرَاءٍ وَلَمْ يُقْبَلْ، أو أفْطَرَ لِحُمَّى ثُمَّ حُمَّ، أو لحَيْضٍ ثُمَّ حَصَلَ (١)، أوْ حِجَامَةٍ (٢)، أوْ غِيبَةٍ (٣).

(١) وقوله كَراءٍ ولم يقبل، قال المراق: الظاهر من ابن يونس أن هذا لا كفارة عليه، وجعله اللخمي المذهب. ا. هـ. منه.

وقوله: أو أفطر لحمّى ثم حمَّ، أو لحيض ثم حصل، قال المواق: من المدونة؛ قال ابن القاسم: ما رأيت مالكًا يجعل الكفارة في شيء من هذا الوجه على التأويل، إلا امرأة قالت: غدًا أحيض. فأفطرت أول النهار وحاضت آخره، والذي قال: اليوم أحَمُّ. فأفطر ثم حُمُّ. ا. هـ. منه.

قلت: هو مبني على أَن حكمة التكليف دائرة بين الامتثال تارة والإِبتلاء أخرى.

قال في مراقي السعود:

للامتثال كلّف الرقيب … فموجب تمكنًا مصيب

أو بينه والابتلا ترددا … شرط تمكن عليه انفقدا

عليه تكليف يجوز ويقع … في علم من علم أنه امتنع

في علم من أمر كالمأمور … في المذهب المحقق المنصور

ويمثلون هنا للتكليف الذي ورد لحكمة الإبتلاء، بأمر أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام بذبح ولده إسماعيل، والذي أمره - جل وعلا - يعلم أن المأمور عليه الصلاة والسلام لا يتمكن من فعل ما أمره به، ولكنه ابتلاء منه تبارك وتعالى؛ ليكون عزمه وتصميمه مناط المثوبة. وهو واضح من قوله تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} (١). ويمثلون لها أيضًا بمن أفطرت لحيض ثم حصل، ومن أفطر لحمى ثم حمَّ. والله ولي التوفيق.

(٢) وقوله: أو حجامة، مراده به - والله تعالى أعلم - أن من احتجم في نهار رمضان، فظن أن صومه قد بطل فأفطر، عليه القضاء مع الكفارة، لأنه من التأويل البعيد. =


(١) سورة الصافات: ١٠٣ - ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>