للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَجَازَ سِوَاكٌ كُلَّ النَّهَارِ، ومَضَمَضَةٌ لِعَطِسٍ (١) وَإِصْبَاحٌ بِجَنَابَةٍ (٢)، وصَوْمٌ دَهْرِ (٣) وجُمُعَةٍ فَقَط (٤).

(١) وقوله: وجاز سواك كل النهار ومضمضة لعطِش، قد تقدم مزيد الكلام عليه عند قول المؤلف: أو غالب من مضمضة أو سواك. راجعه ان شئت. والله الموفق.

(٢) وقوله: أو إصباح بجنابة، قد قدمنا الكلام عليه بما فيه كفاية إن شاء الله، عند قول المصنف: أو لم يغتسل إلا بعد الفجر. فأغنى عن إعادته هنا. والله الهادي إلى سواء السبيل.

(٣) وقوله: وصوم دهر، قال المواق: قال مالك وابن القاسم: لا بأس بصيام الدهر، وقد سرده قوم صالحون، إلا الأيام التي منع صومها. وقال ابن حبيب: حسن لمن قوي عليه. فحملوا النهي على ذي مشقة. ا. هـ. منه.

وقال الحطاب: وذكر البرزلي عن عز الدين بن عبد السلام الشافعي أن صوم الدهر أفضل لمن قوي عليه؛ لقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (١). وقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (٢). ولقوله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن العاص: "لَا أَفْضَل لَكَ مِنْ ذلِكَ". ا. هـ. منه.

قلت: هذا المذهب، غير أن البخاري ومسلم والبغوي - واللفظ له - أخرجوا حديث عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَا عَبْدَ اللهِ بْنِ عَمْروٍ، إِنّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ، إِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذلِكَ هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَفهَتْ لَهُ النَّفْسُ، لا صَامَ مَنْ صَامَ الأبَدَ، صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ". قلت: إني أطيق أكثر من ذلك. قال: "فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ؛ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا. وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى". ا. هـ

قال البغوي: وقوله: "لَا صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ" بمعنى الدعاء عليه. وقد تكون "لا" بمعنى "لم" كقوله سبحانه وتعالى: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} (٣). قال أبو بكر بن العربي المعافري في العارضة ج ٣/ ص ٢٩٩: فيا بؤس من أصابه دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأما من قال: إنه خبر، فيا بؤس من أخبر عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يصم؛ فقد علم أنه لا يكتب له ثواب؛ لوجوب الصدق في خبره - صلى الله عليه وسلم -، وقد =


(١) سورة الأنعام: ١٦٠.
(٢) سورة الزلزلة: ٧.
(٣) سورة القيامة: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>