للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ثم يرجعون إليه فلا يقضون منه وطرًا، أي لا يدعه الناس إذا أتوا إليه أن يعودوا إليه ثانية. وقيل للحاج: حاج؛ لأنه يتكرر قصده للبيت مرة بعد أخرى: يأتي البيت لطواف القدوم ثم للإفاضة ثم للوداع.

(٢) قوله: فرض حج، يعني أن الحج يجب مرة واحدة في العمر، وهذا هو المعروف من مذاهب أهل العلم، وذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لنا: "يأَيُّهَا النَاسُ إِنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ". فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟. فسكت عنه حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ وَلمَا اسْتَطَعْتُمْ". ثم قال: "ذَرُوني مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ واخْتِلَافِهِمْ عَلَى أنْبِيَائِهِمْ. فَإِذَا أمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ". أخرجه مسلم في صحيحه، باب فرض الحج مرة في العمر.

وقال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلً} (١). قرأها حمزة والكسائي وحفص عن عاصم. بكسر الحاء. وقرأ الباقون بفتح الحاء. انظر زاد المسير.

وفي الصحيحين عن ابن عمر واللفظ للبخاري: "بُنِيَ الإسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ؛ شَهَادَةِ أنْ لَا إلهَ إِلَّا اللهُ وَأنَ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وإِقَامِ الصَّلَاةِ، وإِيتَاءِ الزَّكَاهَ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ".

وقول المصنف: فرض الحج وسنت العمرة مرة؛ معناه: فرض بأن يحج مرة، وسن أن يعتمر مرة.

هذا وقد أجمعت الأمة على وجوب الحج على المستطيع مرة واحدة.

قال ابن قدامة: وجملة ذلك أن الحج إنما يجب بخمس شرائط: الإِسلام، والعقل، والبلوغ، والحرية، والاستطاعة. لا نعلم في هذا كله اختلافًا. فأما الإِسلام والعقل؛ فهما شرطان في الوجوب والصحة معًا، فلا يصح الحج من مجنون ولا كافر، لأنهما ليسا من أهل العبادات. وأما البلوغ والحرية فهما شرطان في الوجوب والأداء، وليسا شرطًا في الصحة؛ بدليل أنه لو حج العبد والصبي صح حجهما ولم يجزهما عن حجة الإِسلام إذا زال المانع. ومنها ما هو=


(١) سورة آل عمران: ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>