للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَوَجَبَ بِاسْتِطَاعَةٍ بِإمْكَانِ الْوُصُولِ بِلَا مَشَقَةٍ، وَأمْنٍ عَلَى نَفْسٍ ومَالٍ (١).

= التلخيص في هذا الحديث: رواه ابن خزيمة والإسماعيلي في مسند الأعمش والحاكم، والبيهقي، وابن حزم وصححه، والخطيب في التاريخ من حديث محمد بن المنهال. عن يزيد بن زريع، عن شعبة، عن الأعمش عن أبي ظبيان عنه. قال ابن خزيمة: الصحيح موقوف. ا. هـ. منه.

وأما الدليل على أن التكليف شرط في وجوب الحج فهو واضح؛ لأن غير العاقل غير مكلف، والصبي مرفوع عنه القلم حتى يبلغ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ" الحديث. فالبلوغ والعقل كلاهما شرط وجوب.

وأما الدليل على أنه إن نواه نفلًا لم يجز عن الفرض. فهو حديث عمر بن الخطاب المتفق عليه: "إِنَّمَا الْأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى". وبالله التوفيق.

(١) وقوله: ووجب باستطاعة ألخ. أما شرط الاستطاعة في وجوب الحج فقد بينه تعالى بقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (١) الآية. قال ابن جزي الكلبي: والاستطاعة عند مالك هي القدرة على الوصول إلى مكة بصحة البدن، إما راجلًا وإما راكبًا، مع الزاد المبلغ والطريق الآمن. وقيل الاستطاعة: الزاد والراحلة. وهو مذهب الشافعي وعبد الملك بن حبيب، وروي في ذلك حديث ضعيف. ا. هـ. منه. بلفظه.

قال شيخنا محمد الأمين بن محمد المختار عليه رحمة الله: الاستطاعة في مشهور مذهب مالك، الذي به الفتوى، هي إمكان الوصول بلا مشقة عظيمة زائدة على مشقة السفر العادية، مع الأمن على النفس والمال، ولا يشترط عندهم الزاد والراحلة، بل يجب عندهم الحج على القادر على المشي، إن كانت له صنعة يحصل منها على قوته في الطريق؛ كالحمال، والخراز، والنجار، ومن أشبههم. وقال الحطاب في كلامه على قول خليل في مختصره: ووجب باستطاعة ألخ. ما نصه: وقال مالك في كتاب محمد، وفي سماع أشهب - لما سئل عن قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} - أذلك الزَّادُ والراحلة؟. قال: لا والله، ما ذلك إلا طاقة الناس؛ الرجل يجد الزاد والراحلة ولا بقدر على المسير، وآخر يقدر أن يمشي على رجليه، ولا صفة في هذا أبين مما قال الله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}. وزاد في كتاب محمد: ورب صغير أجلد من كبير. ونقل في المقدمات كلام مالك ثم قال بعده: فمن قدر =


(١) سورة آل عمران: ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>