= أن تحج، وإنها ماتت. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكنتَ قَاضِيَةُ". قال: نعم. قال:"فَاقْضِ اللهَ فَهُوَ أحَقُّ بِالْقَضَاءِ". وقد أخرج البخاري هذا الحديث في الأَيمان والنذور. باب من مات وعليه نذر. وفي الحج في مواضع أخرى.
غير أن إمامنا مالك بن أنس ومن وافقه، لم يعملوا بظاهر الأحاديث الدالة على جواز النيابة عن الحي العاجز ولا عن الميت؛ وذلك لأن هذه الأحاديث مخالفة عندهم لظاهر القرآن في قوله تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}(١). ولأنه تعالى يقول:{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}. والمعْضُوبُ والميت ليس واحد منهما يستطيع سبيلًا إلى الحج؛ لصدق قول من يقول: إنه غير مستطيع بنفسه، فلا فرض على واحد منهما أصلًا حتى تقع النيابة عنه. لذلك، فإن الحج عن هذين من مالهما لا يلزم عند أصحابنا إلا بوصية، فإن أوصى به، صحت الوصية بذلك من الثلث، وأما تطوع ولي الميت عنه بالحج فهو خلاف الأولى، بل مكروه، والأفضل عند مالك أن يجعل ذلك المال، الذي يحج به عنه، في غير الحج؛ كان يتصدق به عنه، أو يعتق به عنه ونحو ذلك، لكنه إن أحرم بالحج عنه انعقد إحرامه وصح حجه عنه. والحاصل أن النيابة عن الصحيح في الفرض عند مالك ممنوعة، وفي غير الفرض مكروهة، وأن العاجز عند مالك لا فرض عليه أصلًا. وبالله تعالى التوفيق.
(٤) وقوله: وإجارة ضمان على بلاغ، فالمضمونة كغيره، قال المواق: عبد الوهاب: تصح الإجارة عندنا على الحج. القرافي: إنما صححناها لأنها محل اجتهاد فلا يقطع بالبطلان، وهي على ثلاثة أوجه:
على وجه الجعالة، وهي أن لا يلزم نفسه شيئًا، ولكن إن حج كان له كذا وإلَّا فلا.
والقسم الثاني: أن تكون بالنفقة، وتسمى البلاغ؛ وهو أن يدفع إليه مالًا ليحج به، فإن احتاج إلى زيادة رجع بها، وإن فضل شيء رده.
والقسم الثالث: أن تكون بأجرة معلومة. قال محمد: وهذا أحب إليَّ من البلاغ. ا. هـ. منه. =