قسم يفوت الحج بتركه، ولا يؤمر بشيء من أجل تركه، وهو الإحرام.
وقسم يفوت الحج بفواته، ويؤمر بالتحلل بعمرة من فاته، وبالقضاء في العام القادم، وهو الوقوف بعرفة.
وقسم لا يفوت الحج بفواته، ولا يتحلل من الإحرام قبل فعله، ولو وصل أقصى المشرق أو المغرب قبل فعله رجع حتى يفعله، وهو طواف الإفاضة والسعي.
والإحرام هو نية الدخول في حرمات الحج أو العمرة، المنسحبة حكمًا لآخر النسك.
واختلفوا في وقت الإحرام؛ فقال قوم: يحرم إذا استوت به راحلته أهلَّ. ومستند هؤلاء حديث ابن عمر المتفق عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما استوت به ناقته، أهلَّ من عند مسجد ذي الحليفة. وقال قوم: يحرم بعد الصلاة، ولكنه إذا استوت به راحلته أهل بالتلبية. وروي في ذلك حديث عن خصيف بن عبد الرحمن الجزري فقال: فلما صلَّى في مسجد ذي الحليفة ركعتيه، أوجب في مجلسه، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه، فسمع ذلك منه أقوام فحفظته، ثم ركب، فلما استقلت به ناقته أهل، وأدرك ذلك منه أقوام فقالوا: إنما أهل حين علا من شرف البيداء. وحديث خصيف هذا رواه عن ابن عباس. أخرجه أحمد وأبو داود. وهو ضعيف. قال البغوي: والعمل على هذا عند أهل العلم؛ يستحبون أن يكون إحرامه عقيب الصلاة، ثم منهم من يذهب إلى أنه يحرم في مكانه إذا فرغ من الصلاة، ومنهم من يقول: يحرم إذا ركب واستوت به ناقته، والله تعالى ولي التوفيق.
وقوله: ووقته للحج شوال لآخر ذي الحجة، قال الله تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}(١). قال ابن الجزي الكلبي هنا: التقدير أشهر الحج أشهر، أو الحج في أشهر؛ وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة. وقيل العشر الأول منه. ويبنى على ذلك أن من أخر طواف الإفاضة إلى آخر ذي الحجة فعليه دم، على القول بالعشر الأول، ولا شيء عليه على القول بجميع الشهر. ا. هـ. منه. =