= لعمري، أدركت لعمري بعد الحجاب. قلت: كيف يخالطن الرجال؟. قال: لم يكن يفعلن، كانت عائشة تطوف حَجِزَةً من الرجال لا تخالطهم، فقالت امرأة معها: انطلقي بنا يا أمَّ المؤمنين نستلم، فجذبتها وقالت: انطلقي عنك. وأبت أن تستلم. وكن يخرجن متسترات بالليل يطفن مع الرجال، لا يخالطْنَهُمْ، قال: ولكنهن إذا دخلن البيت سترن حين يدخلن، ثم أخرج عنه الرجال. قال: وكنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير، وهي مجاورة في جوف ثبير. قلت: فما حاجبها حينئذ؟. قال: هي في قبة لها تركية؛ عليها غشاء لها بيننا وبينها. قال: ولكن قد رأيت عليها درعًا معصفرًا وأنا صبي. ا. هـ. بلفظه. قال المعلق على هذا الأثر: أخرجه البخاري من طريق أبي عاصم عن ابن جريج دون قوله: وأنا صبي.
(١) وقوله: وحبس الكري والولي لحيض أو نفاس قدره، دليله حديث عائشة أم المؤمنين المتفق عليه؛ أن صفية بنت حيٍّ - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حاضت، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"أَحَابِسَتُنَا هِيَ"؟ فقيل له: إنها قد أفاضت. فقال:"فَلَا إِذًا". قال البغوي بعد أن ساق هذا اللفظ: هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد عن عبد الله بن يوسف عن مالك. وأخرجه مسلم عن زهير بن حرب عن سفيان. كلاهما عن عبد الرحمن بن القاسم.
ففي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَحَابِسَتُنَا هِيَ"؟. حين أخبر أنها حائض، دليل على وجوب طواف الإِفاضة، وأنه لا يمكن التحلل بدونه، وأن الطهارة من الحيض شرط في أدائه، فلا يمكنها أداؤه قبل أن تطهر. وفيه دليل أيضًا أن طواف الإِفاضة قابل للتأخير؛ حيث جعلها - صلى الله عليه وسلم - حابسة لهم إلى أن تطهر، مهما كان موعد ذلك الطهر. والله ولي التوفيق.
(٢) وقوله في مجال المكروهات: كأن يقال للإِفاضة طواف الزيارة، أو زرنا قبره - صلى الله عليه وسلم -. قال الحطاب: =